تعاني الكثير من الدول من أزمات اقتصادية بين الحين والآخر، وآلية تعامل الحكومات مع هذه الأزمات قد تمثل لحظات فارقة في تاريخ هذه الدول، فمثل هذه الأزمات أطاحت بالعديد من الحكومات بسبب سوء أدارتها للموقف.
إلى الآن حكومة العبادي خذلت الناخب العراقي لعدم جديتها بالمطالبة بحقه بالمال العام الذي نهب على يد المفسدين، حتى ما صدر من أحكام هزيلة بحق بعض المفسدين لا يرتقي الى طموحات المواطن، فالأحكام لا تتناسب مع حجم الجرم، والأهم أنها انفردت عن مثيلاتها في التاريخ بعدم مصادرة أموال المتهمين، ورغم أن حجم الفساد تخطى حاجز المئة مليون دولار بكثير، ألا ان الحكومة لم تنجح باسترداد سنت واحد.
بدل ذلك تم التحجج بالعمليات العسكرية، وانخفاض أسعار النفط، لسد عجز الموازنة العراقية من رواتب موظفي الدولة، باستهداف واضح للطبقة الوسطى من الأساتذة وأصحاب الكفاءات! بالرغم من أن الرواتب لم تتأثر بارتفاع أسعار النفط بالسنتين السابقتين، وأن ما كان يصرف على القوات الأمنية وصفقات السلاح أضعاف ما يصرف الآن.
أن سلمنا جدلا بأن الأموال المفقودة تبخرت بفعل حرارة شمس العراق، ولذلك فالحكومة الحالية عاجزة عن إرجاعها، فمن العدل أن يطبق الجدول الجديد وحسب سنين الخدمة على الرئاسات الثلاثة والوزراء ومجلس النواب، وأن تلغى مخصصات النقل والسكن لهم، وهذا ما حدث فعلا بعدد من الدول منها الارجنتين والبرازيل وبدون المساس برواتب الكفاءات.
ما يحز بالنفس أن أحد أبواق السلطان يخاطب الأستاذة متسائلا ((كيف كنتم تعيشون بثلاثة آلاف دينار في زمن النظام البائد؟)) وبغض النظر عن الغلاء بتكاليف المعيشة وتضاعف الأسعار حتى الحكومية منها فحكم صدام انتهى بكل مساؤه واستعباده للمواطنين، ومن يفكر بتقليده سيكون مصيره كمصير هدام وجلاوزته.
قد يكون الهدف من الموضوع برمته دفع الكفاءات الى اليأس ومغادرة البلد، كيف يغادر أي عراقي شريف ويترك البلد للصوص والفاسدين، أن كان على أحد أن يغادر فهم من فشل بحكم العراق، ممن قدم من الاروقة الخلفية لأوربا وأمريكا، وليس من عانى وضحى وسقى بدمائه أرض الوطن، والأهم كان سببا بجلوسكم على كراسيكم المشؤومة.