18 ديسمبر، 2024 7:40 م

عندما يغيب الوعي المجتمعي!

عندما يغيب الوعي المجتمعي!

المجتمعات الحية هي تلك المجتمعات التي تَجعل الفرد عنصرا رئيسيا في بناء المجتمع وهو جزء من المجتمع وليس كله، وفي مجتمعنا المبتلى بكل ما هو دخيل ووضيع من تصرف وسلوك وخاصة خلال فترة غياب الدولة وهيبة القانون نرى في مجتمعنا غياب أهم عوامل ديمومته وبقائه ألا وهو عامل الوعي المجتمعي الذي يبدأ من العائلة إلى المدرسة والدائرة والوظيفة فعندما يكون الوعي المجتمعي حاضرا وسليما يكون موظف الدولة في دائرته موظف خدمة عامة وليس إقطاعيا يتصرف بمكان عمله كيفما يشاء، وإذا كان الوعي المجتمعي سليما فأن كل قيم المجتمع تبقى سليمة فلا سرقة للمال العام لان له حرمة، ولا رشوة ولا تزوير ولا كذب لهذا السياسي أو ذاك لان المجتمع الواعي موجود وإذا حضر هذا المجتمع فأن الجميع يعلم أن ضمير المجتمع سيراقب عمله ويحاسبه ومن هنا يبدأ بناء الوطن على وفق الأسس الصحيحة أما في أيامنا هذه فأن كل شيء أصبح مفتوح النهايات وبلا محددات وان وجدت هذه المحددات فأنها ديكورات لتزين صورة أو منظرا طبيعيا لا أكثر.
فغياب الوعي المجتمعي هو الذي أوصل البلد إلى ما هو عليه من تفشي كل الظواهر السلبية فليس غريبا أن نشاهد من على شاشات التلفزة جرائم سرقة المال العام بمئات ملايين الدولارات بعقود واضحة الفساد وحتى إن المرء بات معتادا على سماع ومشاهدة استجوابات في مجلس النواب لهذا المسؤول أو ذاك لكن النتيجة كما يقول المثل (كأنك يا أبو زيد ما غزيت) وآخر فضائح السادة المسؤولين ما عرضته الدائرة الإعلامية في مجلس النواب يوم السبت الماضي هو عقد وزارة الصحة لشراء صندل (نعل) طبي بمبلغ فقط 900 مليون دولار برتغالي المنشأ! فلو كان الوعي المجتمعي حاضرا لوقف أمام مجلس النواب مطالبا بتقدم الفاسدين إلى العدالة ولطالب أيضا بـإقالة كل الذين يقفون وراء العقود الفاسدة في العراق ومحاسبتهم منذ 2003 ولحد اليوم لكن يبدو أن الوعي المجتمعي إن حضر لا يعد وان غاب لا يفتقد لان هناك كتلا وأحزابا وقوى مهيمنة على كل شيء وبيدها وحدها أن تمرر ما تريد  فهي  كما يبدو صاحبة التفويض الإلهي والتي لا يجوز مسها أو انتقادها أو توجيه اللوم لها فهي تحكم باسم الدين والمذهب والطائفة وكان الله في عونك أيها العراقي فقد تعددت وسائل السرقة وتنوعت عناوينها لكن السراق هم نفسهم في كل مرة لأنهم قد أمنوا العقاب!.
نقلا عن المشرق