18 نوفمبر، 2024 1:30 ص
Search
Close this search box.

الأستاذ الدكتور جمال الدباغ كما عرفته ..مع التحية

الأستاذ الدكتور جمال الدباغ كما عرفته ..مع التحية

بعد نشري لمقالي السابق أرسل لي احد الأصدقاء الأعزاء بعض الإضافات والاستدراكات على مقالي السابق طلب مني ان أقوم بنشرها باسمي نيابة عنه من وقائع عاشها بنفسه مع الأستاذ الدكتور جمال الدباغ مع بعض التعليقات البسيطة مني على هذه الوقائع ادرجها كما هي :-
فوجئ طلبة ومنتسبو الكلية التقنية الإدارية بأن عميدهم الجديد أ. د. جمال قد حضر إلى الكلية في أول يوم له كعميد وهو يقود بنفسه سيارته الخاصة (هونداي النترا 2008) وليس معه أحد وبقي كذلك حتى تركه المنصب ليكون رئيساً للهيئة، وعلموا بعد ذلك أنه اشتراها ليلة مباشرته كعميد ليبتعد عن مظاهر المنصب المقيتة ولا يستخدم سيارات الدولة لأغراضه الشخصية ولا يركب ضمن موكب أبداً، ولا نفاجأ بأن هذه السيارة لا زالت إلى الآن سيارته الشخصية التي يستقلها  ولم يستبدلها بأخرى حتى بعد أن صار رئيساً للهيئة ثم تقاعده وتكليفه بمهام الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة.

 

·        ومن الطرائف أن (الدباغ) أخبر المعهد التقني في الصويرة بقدومه إليه لتفقد الامتحانات فأرسلوا مسؤول الأمن في المعهد إلى السيطرة لتسهيل الدخول، وحيث أن (الدباغ) كان يركب سيارة واحدة فقد مرّ من السيطرة ولم يلحظه أحد، وأثناء تجواله بالمعهد اتصل مسؤول الأمن بالعميد وقال إن رئيس الهيئة لم يحضر لحد الآن لأن موكبه لم يمر من السيطرة   فأجابه العميد لقد وصل لقد وصل رئيس الهيئة وسينهي زيارته وشيكاً ، ومن المؤسف أن يُقال بعد ذلك أنه أهان المنصب لأنه لم يركب ولا مرة ضمن موكبه الرسمي المكوّن من سيارة مصفحة وثمان سيارات باجيرو كان قد وزّعها إلى مؤسسات هيئة التعليم التقني حسب الحاجة ، حينما باشر عمله رئيساً للهيئة.

 

·       صادف مباشرته كعميد أول يوم بعد عيد الفطر المبارك، فقام بالتجوال في الكلية لتهنئة العاملين بالعيد ولم يقبل أن يأتوا إلى مكتبه للتهنئة لأن الجميع سيترك عمله في حين أن العميد هو شخص واحد يمكن أن يترك عمله من أجل ذلك ، فضلاً عن شعور القادم من الموظفين المهنئين بأنه أدنى وعليه أن يقدّم فروض الولاء والطاعة ، وسيعطي رسالة سلبية للموظفين بأن المسؤول من النوع الذي يتقبل تملق المتملقين وممن يصطنع الحواشي والتابعين. وقد تكرر الأمر ذاته حينما أصبح رئيساً للهيئة فلم يقبل أن يأتي  العمداء وأكثرهم من خارج بغداد وتقديم التهنئة  لا بل كان يكتفي منهم بالاتصال الهاتفي .

 

·       لم يؤثر عنه أن قام بأي تغيير في أثاث المكتب المخصص له سواءً عندما كان عميداً للكلية التقنية الادارية  أو حينما تسلم منصب رئاسة هيئة التعليم التقني أو حينما أصبح أمينا عاماً للعتبة الكاظمية  ولم يشترِ أي شئ جديد، كما اعتاد العديد من المسؤولين حيث يكون إعادة النظر بأثاث المكتب وشراء الجديد من أولى الأولويات بغض النظر ضارباً اصدق الأمثلة وأروعها  في والزهد الأمانة  والتقشف والحفاظ على المال العام من الإسراف والتبذير والتلف من غير ضرورة على الرغم من ان التعليمات تجيز له لذلك والتخصيصات المالية تمسح له بذلك لكنه طوى عن كل ذلك كشحاً .

 

·       حينما كان رئيساً للهيئة أوفد إلى ألمانيا وكانت مخصصات السكن له (525) دولاراً عن كل ليلة، وقد بقي أربع ليالٍ وكان استحقاقه (2100) دولاراً عن الليالي الأربع، وكان من المستغرب لدى موظفي الحسابات أن قائمة الفندق التي قدّمها رئيس الهيئة إليهم لم تتجاوز (400) دولاراً عن سفرته هذه ، فانظر عزيزي القارئ الكريم وتصور عن عظمة هذا الرجل الذي تخصص له ميزانية الدولة مبلغاً يتناسب مع وضعه الاعتباري كرئيس هيئة فتأبى نفسه الأبية والكريمة ان يبذر الأموال العامة وينفقها باذخاً ، لأبل كان كله شعوراً بالمسؤولية العظيمة والأمانة الكبيرة التي اؤتمن بها فكان حقاً وصدقاً أبا أمين كما يكنى .

 

·       لم يكن ينفذ ما يرده من الوزارة إذا خالف ذلك القوانين والتعليمات من حيث قبول طالب أو تعيين موظف أو غير ذلك وهو إدارياً غير ملزم لأنها أوامر الأعلى التي ينبغي تنفيذها، ومع ذلك لم يفعل، وتوجد شواهد كثيرة منها أن أحد أصحاب العقود قد حصل على أمر من الوزارة بتحويله إلى الملاك الدائم، وحيث أن الأسبقية لمن هو أقدم فقد كتب (الدباغ) إلى الوزارة بعد أن دقّق الحالة بتعذر تنفيذ الأمر لأن هناك احد عشر شخصاً من أصحاب العقود لهم حق أسبق بالدرجة الوظيفية ممن صدر الأمر بتحويله، وجاءته نائبة في البرلمان ومعها أمر من الوزارة بتعيين ابنتها في الهيئة (خريجة كلية صيدلة دور ثاني بمعدل 54) وقالت للدباغ أنها تتوقع صدور أمر التعيين بخمسة دقائق لأن معها أمر من الوزارة، فامتنع (الدباغ) عن إصدار الأمر لأن تعيين ذوي المهن الطبية من صلاحية وزارة الصحة وليس التعليم العالي ، فكان ابعد ما يكون عن التأثر بالمحسوبية أو الوساطة فكان عادلا ويعامل الجميع من منطلق المساواة ولا يميز بين فرد وأخر لقربه منه أو بعده عنه  .

 

·       دُعي ذات مرة إلى الاشتراك بلجنة مناقشة في جامعة خارج محافظة بغداد فوصل إلى المحافظة المقصودة قبل ليلة ، واتصل به المشرف على الأطروحة محل المناقشة  لترتيب إقامته في فندق ومستلزمات مبيته في المحافظة المقصودة ،  فأجابه (الدباغ) بأنه رتّب ذلك وسيأتي غداً إلى الجامعة في الموعد والمكان المحددين وعلى المشرف والطالب ان لا يشغلوا بالهم بهذه التفاصيل ، كل هذا حرصاً منه على المحافظة على هيبة أجواء المناقشة وإنها مناقشة علمية بحتة بعيدة عن أجواء التأثير في أسلوب المناقشة وطبيعة الأسئلة والإشكالات التي ستطرح على تفاصيل الأطروحة   . وفي اليوم الثاني وبعد انتهاء المناقشة دُعي إلى الوليمة المتعارف عليها فأجاب أنه أتى لأداء مهمة محددة وقد انتهت، ثم غادر ولم يحضر الوليمة. وكان حينما يشترك في لجنة مناقشة لا يقبل أية هدية بل كان يُطالب بقرص التسجيل فقط لغرض التوثيق.

 

·       حينما انعقد مؤتمر العمداء في ديوان الهيئة كانت وجبة الغداء موحدة للجميع من رئيس الهيئة إلى العمداء ومن معهم فضلا عن موظفي الديوان المشاركين بالمؤتمر مما أثار حفيظة البعض الذي كان يريد التمييز والتفاوت في نوع الأطعمة وتفاصيلها .

 

·        حدث ذات مرة عندما كان رئيساً للهيئة و بعد أن تفقد معهداً في إحدى المحافظات أنهم أصروا على دعوته إلى الغداء فاصطحبهم إلى المطعم ودفع هو قائمة الحساب بالكامل ولم يسمح لأحد منهم  بدفع أي مبلغ .

 

·       كان يتفقد الامتحانات في الكليات والمعاهد، ويتابع بنفسه الإجراءات، ويتفحص الكثير من قوائم الدرجات ويناقش المعنيين عن مدى موضوعيتها وخاصة درجات النشاط اليومي ودرجات المختبرات ونسب النجاح، وكانت تلك الزيارات مهنية بالكامل، وقد علّق أحد العمداء قائلاً: إن رئيس الهيئة يدخل في تفاصيل لم يسبق لي أن دخلت فيها.

وأخيرا أقول فليتمعن القارئ الكريم في الحال الذي وصلنا له ويقارن بين السلوك المهني والرائع الذي اختطه لنا  استأذنا وقدوتنا العظيم (أ.د. جمال الدباغ) وسيرة وسلوك ما عليه البعض من المسؤولين .

قال الجواهري:

سُبَّ من جرَّ هذه الأوضاعا

قبل أن تبكيَ النُّبوغَ المُضاعا

هاتمّاً وأن تروحوا ضَياعا

سبّ من شاء أن تموت وأمثالُك

حيث أهلُ البلاد تقضي جياعا

سبَّ من شاء أن تعيشَ فلولٌ

 

أحدث المقالات