15 نوفمبر، 2024 9:54 ص
Search
Close this search box.

مؤامرة على الذات والوطن

مؤامرة على الذات والوطن

في أوروبا ودول العالم المتقدمة يعاب على من يشتم بلده ويطلب منه الرحيل إذا لم تعجبه الأوضاع فيه، وسبب ذلك درجة الوطنية العالية التي تتمتع بها تلك الشعوب، وذلك بالتأكيد السبب الرئيس في رقي بلدانها، فالشعور بالانتماء للوطن هو اللبنة الأساس في بنائه اجتماعيا واقتصاديا، وبالتالي الارتقاء بالعمل السياسي بالنسبة للقائمين عليه.

الإنسان الأوروبي يلتزم بالقواعد المرورية ولا يرمي أي نفاية في غير المناطق المخصصة لها ويؤمن بمبدأ الطابور وأن كل مواطن عليه أن يأخذ حقه ودوره الذي يستحقه. هذه المبادئ محض إسلامية ولكنها لدى شعوب غير إسلامية اكتسبتها من خلال حالة شعورية سامية اشترك بها أفراد تلك الشعوب هي (حُب الوطن).

بعض المصادر التاريخية وكتب السير تذكر أن نبينا الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد مرت عليه محن يصعب على الإنسان تحملها، منها هجرته من مكة المكرمة، تلك القرية التي ولد فيها ونشأ، فقد تركها على مضض، وكانت الهجرة تضحية منه في سبيل نشر الرسالة الإسلامية، فحب الوطن غريزة زرعها الله تعالى فينا لتثمر عملا وإيثارا وعطاء يفيض لينهض بالمجتمع والدولة.

الموظف العراقي غالبا ما يتململ، وحينما تأتيه بمعاملة سرعان ما يضجر ويتمنى أنه لم يرك أنت ولا معاملتك ولا من معك من المراجعين، والشرطي لا يتدخل في مشاجرة قريبة منه ويكتفي بالمشاهدة إذ أن عليه أن لا يكون متطفلا فمن العيب التدخل في شؤون الآخرين! وسبب ذلك أنهما إنما يعملان لأجل (الراتب) لا سواه! أما في مدارسنا فتجد الطلبة نشطين ومواظبين ومتهيئين للامتحانات، ولكنك حين تمعن النظر إليهم تجدهم يحضرون قصاصات ورقية ليغشوا بها وطنهم الذي يحتاج إلى خبرات وعقول أبنائه وليخدعوا قبله أنفسهم.

إن سنوات الحرب الغبية والحصار الظالم كانت كفيلة بتغيير شخصية الفرد العراقي الذي عانى الفاقة والحرمان والقسوة والاضطهاد معا أثرت في شخصيته سلباً، وبالتالي تغير المجتمع وأصبحت تلبية المصلحة الشخصية هي الغاية، وإن تعارضت مع المصلحة العامة، لذا حتى نصلح ما فسد فينا علينا بالثورة على أنفسنا، وعلى الدولة أن تربي أبناءها من خلال الاهتمام بما يزرع حب العراق فينا كمراسيم رفع العلم في المدارس وفرض واجب خدمة العلم على كل عراقي عن طريق التجنيد الإلزامي لما له من منافع للفرد والمجتمع، أهمها أن ينشأ الفرد العراقي وطنياً، فضلا عن التخلص جزئيا من البطالة لاسيما بالنسبة للخريجين، واستبدال الشعور بالنفس الطائفي أو العرقي بالإيثار وحب العراق والدفاع عنه.
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات