18 ديسمبر، 2024 10:58 م

وداعا للتخلف … اهلًا بالفيسبوك

وداعا للتخلف … اهلًا بالفيسبوك

تقول عزارا باوند أن الهموم المشتركة التي تحرك الناس ثلاثة”المال، والجنس، والمستقبل” في العراق الهم الثالث متوقف تماما ويمكن لنا ومن دون تردد ان نستبدله بالماضي، نعم نحن شعب يفكر بملل بماضيه وبخلافات التاريخ.
مافائدة التاريخ اذا اصبح( فاليوم) ومسكر عن التقدم نحو الامام؟ مافائدة التاريخ اذا اصبح واحدا من ركائر صناعة الكراهية في المجتمع؟ يمكن ان نراجع خلافاتنا سنكتشف ان اغلبها لم نصنعها نحن بل ورثناها من الماضي.
حتى ان ازمة كركوك وسقوط الموصل وفقر البصرة وانتشار الفوضى في بعض مناطق الوسط والجنوب وازمة المهجرين وتواجد داعش في الأنبار والتفجيرات هي في الأصل أزمات تاريخية لا انية، مع ان بعض رجال الدين وبعض السياسيين وضع عليهن ملح الشيطان.
الوعي في التاريخ يرهق الكثير، اي ان المواطنين اذا استوعبوا ماجرى في التاريخ فأن أطرافا كثيرة ستخسر،فالتأريخ المأزوم المتشنج في بضاعة رابحة ومكسب تجاري لجماعة ” العقل الجمعي” او جماعة صناعة الجهل المركب في المجتمع العراقي الذين يقلقهم الوعي والكتابة والقراءة والنقد والتحليل الذين يفضلون ١٠٠ مواطن لايقرأ على مواطن يقرأ،الذين يشغلون الناس بالماضي حتى يسرقون الحاضر والمستقبل.

صناعة الوعي مهمة وطنية تقابل مشاريع التجهيل الضخمة والمنظمة التي تنفذها بعض الجهات الدينية والسياسية والتي تركز على ضرورة السيطرة على العقل الجمعي للمواطنين والتعامل مع عواطفهم لا مع عقولهم، لذلك ان تنبيه العقل وتنشيطه من المغناطيس التاريخي ويمكن ان يكون ان ينطلق الطريق الاول لهذه المهمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي(الفيسبوك).

مواجهة التخلف والتجهيل المركب ليست مهمة يسيرة، وهو مشروع طويل الامد وتنفيذه يستغرق اجيالا وعقودا لكن ان نبدأ أفضل بكثير من والوقوف على تل السكوت والصمت ونحن نشاهد ونؤرخ مرحلة انهيار الذات العراقية بسبب أن صناعي الجهل منظمون في عملهم وهم ناشطون جيدون في تجميد العقل العراقي.

اذا كان انشغال اغلب العراقيين بالمال والجنس على اعتبار إنهما سر إدامة الحياة لكن المبرر في الانشغال بالماضي وطلاق المستقبل وهجرانه. الماضي المتخاصم، الماضي القاتل، الماضي المتخلف، الماضي السيء ، الماضي المراهق، الماضي الكسول، الماضي العجوز.

الفيسبوك وسيلة من وسائل تخليص المجتمع من جيثوم الماضي، الفيسبوك وسيلة من وسائل نشر الوعي، الفيسبوك وسيلة من وسائل تكسير الأصنام ورمي الصنمية، الفيسبوك وسيلة من وسائل تنشيط العقل للشك، لافائدة من عقل لايشك ولافائدة من عقل لايسأل ولافائدة من عقل يصدق كل مايسمعه من بعض رجال الدين او بعض السياسيين.

ولابد للصوت الوعي ان يرتفع على صوت صناع الجهل في الفيسبوك فيمكن باختصار ان يتحول الفيسبوك الى طريق سالك لثورة العقل العراقي على الموروث المجمد بكل تفاصيله …وداعا للعقل الجامد واهلا بالعقل الذي يسأل ويقرأ ويبحث ويفكر ويشك.