19 ديسمبر، 2024 1:47 م

العراق ودرس الحسين ( ع )

العراق ودرس الحسين ( ع )

تشكل قضية الحسين ( ع ) واحدة من أهم رؤى التأريخ العراقي وهو يبحث في الخلاص ضوء الحرية ليُعبد فيها طرقات الأمل للفقراء والمظلومين واولئك الذين كانوا ولايزالوا يرون في الحرية عالمهم المرتجى .

الحسين الشهيد حمل كل هذه الرؤى بقلةٍ قليلة من الصحب والأهل ليمضي لمصير يعرف إنه مصير للخطر والسبي والموت ، ورغم هذا وضع النصح جانبا بعدم أكمال الرحلة الى العراق ، ورأى ان الاسلام إذا لم يستقم إلا بموته ، فلتأخذه السيوف الى بحر الشهادة والخلود .

ومنذ ذلك اليوم تشرف العراق وطفه ليكون ساحة لواحدة من اشرف معارك التأريخ من اجل القضية والدين والمبادئ . قضية ظلت تحمل كامل طقوس الوجدان الوفي ، الصافي ، غير المتعصب والذي يرى في الدين والنضال من أجله وحدة كاملة لاتتجزء بطائفة ومذهب ، حتى صار هذا الرمز محط اعجاب لكل من جاء بعده ، ومنهم المهاتما غاندي الذي راى فيه قضية كبيرة وتجاربها لاتعد ولأتحصى .

تشكل قضية الحسين بالنسبة للواقع العراقي في هذا الزمان وكل زمان ، قضية ندرس فيها معاني التجسد وبناء مانود أن نبنيه في ظل تحديات كبيرة افرزها الواقع الجديد وقرن التحولات الكبيرة ، والتي انتهت بأن تحتل بغداد من قبل الأجنبي ويبدأ هاجس جديد فينا يشارك فيه كل العراقيين هو كيف ينتهي هذا الاحتلال وماهي الطريقة الأنجع والاسرع ، ليجدولَ المحتلُ سرفات دباباته وخوذ جنوده ويذهب بعيدا ليتركنا نبني بلادنا وفق تلك المشارف العظيمة التي ابتهجت بمبادئ الحسين ووقفته العظيمة وهو يرفض مُلك الدنيا من اجل القضية ويطلب مُلك الآخرة .

هذه المشارف بقيمتها العظيمة ولحظاتها الكبيرة يوم يُترك الحسين (ع ) وحيدا لا من ناصر ولا معين وهو يرى خلانه وأهله يسقطون صرعى واحداً تلو الاخر ، تعلمنا قيمة الثبات وماتحمله الروح المؤمنة من فيض ايمان هائل ليصير هذا الثبات مثل وجد عشق في عيون متألمة لحظة يقف إبن علي داحي الباب وحده أمام خيام ركبه وعائلته وليس سوى صبية ونساء وعويل وجثث القت بأحلامها بين ضربة سهم وكف قطعت وقتيل مات من العطش وطفل رضيع أدرك السهم صدره .

وقتها يترأى مشهد الثبات عند من كان جده النبي ( ص ) والذي جعله واخيه الحسن ع سيدا شباب اهل الجنة ، ليصير هذا المشهد مضربا للأمثال وشاهدة لجرأة الموقف وقوة القضية التي علينا أن نعممها على ذاكرة الوطن كله من الشمال الى الجنوب كهاجس للتوحد ولم الشمل ونسيان كل هواجس المادة والذات والمحاصصة والانتماءات الحزبية التي تريد ان تتفوق على الانتماءات الوطنية .

لإن الحسين لم يكن ثائرا واماما معصوما فقط ، بل كان وطنيا قادته روحه الحجازية ليدافع عن حرية روح العراق ، وكان الدين جامعا لكل رؤاه ليأتي بسيفه ويقيم على أرض كربلاء خيام ثورته ، وليدفع من أجل هذه الوقفة الشريفة دمه ودم اخوته وأهله ومناصريه .

هذه الوقفة التي نستعيدها في العشرة الاولى من كل محرم هجري ، تصبح اليوم في اهمية للعراقيين من اي وقت مضى من اوقات تواريخهم الصعبة والقلقة والفائرة ، لانهم يحتاجون الى درسها حاجة كبيرة ، ففي قضية الحسين ( ع ) وعِبرها حلولا لهذا الهوس العجيب الذي يعانيه العراق ، ويغرق من خلاله في برك دم الابرياء والفقراء والمساكين .

قضية الحسين ليس رؤى للتعلم والنحيب والاستذكار الدامع . بل هي المفتاح والحل لما يصيبنا الان ….

أحدث المقالات

أحدث المقالات