18 ديسمبر، 2024 10:03 م

في الذكرى الـ 68 لتأسيس الناتو .. أين موقع العرب من صراع أمريكا – روسيا !؟

في الذكرى الـ 68 لتأسيس الناتو .. أين موقع العرب من صراع أمريكا – روسيا !؟

اليوم وتزامناً مع الذكرى الـ 68 لتأسيس حلف الناتو ، يقرأ بعض المتابعين ان تسخين اجواء الحرب الباردة مجدداً بين الروس ورثة الاتحاد السوفيتي ،والأمريكان رأس حربة حلف الناتو والتي يعتقد البعض أنها قد انتهت منذ مطلع تسعينات القرن الماضي بين القوى الغربية وروسيا ،قد يصب بخانة احتدام الخلافات بين الروس والأمريكان،وبهذه المرحلة من الواضح ان تفاصيل هذه الحرب قد عادت اليوم بحرب أكثر برودة ،والسبب بذلك هي مساعي الغرب ورأس الحربة له وهي امريكا بمحاولة التعدي على مناطق النفوذ الروسي بالمشرق العربي والمشرق الاوروبي .

الروس بدورهم يعون ويدركون جيداً ان احتواء امريكا لحركة ما يسمى “تصاعد النفوذ الروسي” ماهو الا عاصفة امريكية وحرب خفية تقودها امريكا وبوجوه متعددة لتغيير شكل الخارطة الجغرافية والأمنية الاقليمية وحتى الدولية وسترسم وفق نتائجها المنتظرة طبيعة جديدة لشكل العالم الجديد سياسياً على الاقل، ولذلك أدرك الروس مبكراً أن هذه العاصفة الكبرى التي ضربت العالم والمشرق العربي بالتحديد هي تستهدف بجملة ما تستهدف تشكيل واقع جديد للمنطقة بما يخص موازين القوى ومناطق النفوذ بما ينعكس على توزيع جديد لمناطق النفوذ والتحالفات والثروات والطاقة بالمنطقة على القوى العالمية الكبرى ، وهذا بدوره ما سيجعل الروس يخسرون الكثير من مناطق نفوذهم التي كانت ومازالت بعضها تحسب عليهم منذ آمد بعيد وخصوصآ ببعض مناطق اقصى المشرق العربي.

فمنذ انطلاقة تلك العاصفة على المشرق العربي ، بدأ هنا تشكيل مرحلة وخريطة جديدة فمراكز النفوذ بدأت بالتحول ومراكز القوى والنفوذ تغيرت، ومن هنا قررت القوى الغربية ورأس حربتها امريكا أن هذه الفرصة هي الفرصة الأنسب لأعادة تقسيم الكعكة العربية فيما بينها ، مما استفز حفيظة بعض القوى الشرقيه بالعالم التي تعتبر الاقرب للعرب ومنها الصين وروسيا، فهذه العاصفة”الربيع العربي” ، قد بدأت بأعادة ترتيب مواقع القوة والنفوذ بالمنطقة وبواقع جديد، مما اثار مجموعة من الخلافات بين القوى الغربية والشرقية حول مواقع القوة والنفوذ الجديدة بالمشرق العربي .

وأول هذه الخلافات حول الربيع العربي ومراكز القوى بين الغرب وروسيا كانت في ليبيا وعندها طعنت دول الغرب روسيا بالظهر في ملف ليبيا وحينها خسر الدب الروسي مركز نفوذ في المغرب العربي وشمال افريقيا كأن يشكل عامل امأن للروس وقوة في هذه القارة ومعبر أمن للدولة الروسية للاتساع والولوج اكثر بعلاقاتها مع باقي دول المغرب العربي وشمال افريقيا وجنوبها وشرقها ،وحينها ادرك الروس انهم خدعوا من دول الغرب وعندها ادركوا ان هناك مؤامرة كبرى تستهدف مراكز نفوذهم بالمنطقة العربية.

وعندما أتسع نطاق هذه العاصفة ” الربيع العربي” ،ووصل الى الدولة السورية وبدأت القوى الغربية بالتجهيز لتشكيل واقع جديد للدولة السورية يستهدف بناء قاعدة نفوذ لها هناك على حساب الروس، ومن هنا برزت الكعكة السورية كواجهة أولى للصراع بين قوى الشرق والغرب ، وهنا استمات الروس بالدفاع السياسي والامداد اللوجستي للدولة السورية ولجيشها ، من مبدأ انها اذا خسرت سورية فأنها ستخسر نفوذها وقاعدتها الاخيرة وحلفها الاخير مع دول المشرق العربي . ولذلك فمواقف الروس اليوم بسورية تسير بخط ونهج مستقيم غير قابل للتشكيك لانها تدافع عن نفسها اليوم من سورية فاذا سقطت سورية فالروس يعلمون جيدآ ويدركون ان الهدف القادم للغرب ولو بعد حين سيكون روسيا ولذلك هم اليوم يستميتون بسورية ، فهم ادركوا حقيقة المؤامره الكبرى عليهم اولآ ،وثانيآ على الدولة السورية، ولذلك يدرك الروس اليوم وأكثر من أي وقت مضى انهم اصبحوا بشكل اكثر واقعية تحت مرمى وتهديد الدول الغربية فهم اليوم بأتوا بين مطرقة الدرع الصاروخية الامريكية التي باتت بحكم الواقع قريبة من الحدود الروسية، وتشكل خطر محدق بأمن المنظومة العسكرية والمجتمعية الروسية ، وخطر خسارة مناطق نفوذها بسورية واواكرانيا لصالح الغرب، وما سيتبع ذلك من احتمالات لفقدها لكثير من مناطق نفوذها بالشرق الاقصى والشرق الاوروبي وبالعالم العربي، وسندان تقويض جهودها الساعية للوصول الى مناطق ومراكز نفوذ جديدة .

ختاماً، هنا علينا أن نعلم جميعاً انه لايمكن أبداً للروس ان يقدموا الملف السوري لأمريكا على طبق من ذهب ،بمقابل تنازل امريكا عن الملف الاوكراني واعادته للروس،فالروس يعلمون جيدآ ان سورية بالنسبة لهم كما اوكرانيا بل قد تكون أكثر اهمية من اوكرانيا نفسها بالنسبة لهم ، فاليوم لاندري تحديدآ ان كانت نقاشات واتفاقات “التفاهمات”التي جرت مؤخرآ بين الروس والامريكان قد وصلت لنقاط التقاء بين البلدين ،ام ان الدب الروسي سيضطر للتكشير عن أنيابه من جديد ليعيد الكره الى الملعب الاول عن طريق الولوج بحرب ساخنة جديدة مع امريكا وستكون نوأة انطلاقتها على الاغلب من سورية، والسؤال هنا ،أن دخل الروس فعلاً بهذه الحرب الساخنة من جديد هل سيستطيعون ايصال رسائلهم للغرب والى الجميع بأن الروس موجودين ولن يتنازلوا وسيستمروا بالتوسع بكل الاتجاهات؟، ام أننا فعلاً سوف نرى انكفاء روسي واعادة تموضع لروسيا لأعادة ترتيب اوراقها من جديد وخصوصآ بالداخل الروسي الذي بدأت ملامح الفوضى الامريكيه تحرك بعض من فيه ؟!، ومن هنا سنترك كل هذه الاسئلة للقادم من الايام لتجيبنا عليها وتعطينا صورة وملامح وشكل موازين القوى بالعالم الجديد التي يتم صنع موازين القوى ومراكز النفوذ فيه من جديد وتحديدآ من سورية ..