23 ديسمبر، 2024 9:28 م

تساؤلات الى المرجعيه… الى من توجهون خطابكم

تساؤلات الى المرجعيه… الى من توجهون خطابكم

على مدى اكثر من شهرين ونحن نراقب باهتمام الخطب الدينيه وبعدها السياسيه التي يلقيها ممثل المرجعيه العليا في النجف الاشرف السيد أحمد الصافي أو الشيخ عبد المهدي الكربلائي لما لهذه الخطب من تأثير كبير على الواقع الذي نعيشه اليوم وبالاخص على ما أجمع عليه العامه والخاصه وهو واقع الاصلاح بما فيه من جوانب حياتيه متعدده تمس الشعب العراقي على حد سواء والتي هي  بالتضاد تماما مع تفشي الفساد الحكومي المستشري في كافه القطاعات الحكوميه والتي تمس بشكل مباشر المتصدين للعمليه السياسيه وبأثر رجعي . ومهما تكلم البعض المغالي في افكاره او معتقداته حول توقيت هذه الخطب ومدى أهميتها  وعموميتها يبقى هؤلاء في اطار ضيق لايتعدى الرؤيه التي تكون أغلب الاحيان مشككه وغير مقتنعه ولاتستطيع ان تدرك مدى المسؤوليه سواء كانت شرعيه أو دنيويه التي تثقل كاهل المرجعيات ليس على المستوى الشخصي فحسب بل أيضاً على المستوى المؤسساتي وبكافة فعالياتها .

ورغم اننا لم نسمع اي خطبه من قبل تم فيها تسميه لشخصيه معينه فقد تفاجئنا تماما حينما وجهت النداء الى السيد العبادي مباشرة وارسلت رساله واضحه له لالبس فيها على الاطلاق حين قالت انه يجب ان يكون اكثر جراة وشجاعه وعليه ان يضرب بيد من حديد . حسنا أخذت هذه الخطبه مداها الاعلامي وسيقت على ان المرجعيه قد فوضت العبادي بضرب المفسدين ثم قالت له ان الله معك وان الشعب معك  فأنتفض الشعب لتفويضه تأييداً لرأي المرجعيه. حسنا جداً الحقيقه أني لم استطيع أن أفهم أن هذا تفويض مباشر وعلني وشرعي للعبادي لكوني أومن بأن المرجعيات على درجه عاليه من التدقيق الكلامي وأن كل كلمه تحسب بدقه متناهيه والان لنعيد بعض الكلمات..على العبادي هل هذا تفويض أو أمر صارم .. ان يكون اكثر شجاعة وجرأة .. هذا دليل واضح ان المرجعيه تعرف تماما ان العبادي ليس بمستوى الشجاعه المطلوبه ولايملك الجرأه الكافيه وأن يده قصيره وليست قادره على ضرب المفسدين . فلا يصح ان نقول بان المرجعيه قد فوضت السيد العبادي في عملية الاصلاح ومحاربة المفسدين او اوكلت له أمرالشعب وحملته المسؤوليه في عنقه.

ثم توالت الخطب السياسيه وأخذت مطالبات متعدده لعملية الاصلاح وانا شخصياً اعتبر اهم هذه المطالب هو المتعلق باصلاح النظام القضائي حيث أقرنت محاربة الفساد ( وقد أسمت الاصلاح بالمعركه المصيريه ) باصلاح النظام القضائي  ووجهت بالاستعانه بقضاة نزهاء لاتأخذهم في الحق لومة لائم . الان لنتفحص جيدا من المعني بهذا الخطاب وكيفية تحليله. عندما تؤسس المرجعيه بان هناك قضاة نزهاء فهذا يعني بالضروره ان القضاة القائمين على القضاء حالياً هم أما أن يكونوا غير نزهاء أو انهم مهادنين للاحزاب والمؤسسه السياسيه وبكلا الاتجاهين نرى أنها قد رفضت النظام القضائي جملة وتفصيلا وأيضا سوّقه الاعلام بهذه الصيغه وخرجت المظاهرات تنادي باخراج رئيس مجلس القضاء الاعلى من هذه المنظومه . طيب السؤال يطرح نفسه مرة اخرى . الى اي جهه بالضبط تم التوجيه لتأخذ على عاتقها هذا الامر . فاذا كان السيد العبادي هو المقصود فقد اعلن بصراحه ان القضاء هو من سيصلح نفسه بنفسه وانه لايرغب في التدخل بعمل القضاء حفاظاً على مبدا الفصل بين السلطات الثلاثه . أما اذا كان الخطاب كان يقصد به مدحت المحمود فذاك يعني اننا نطلب منه ان يصلح القضاء ونحن نعلم تماما انه كان على رأس هذه السلطه منذ اثنى عشر عاماً ولم تتمكن هذه السلطه من محاسبه الفاسدين والذين أهدروا المال العام بل وبالعكس كانت هذه المنظومه هي المتستره والمهادنه للطيف السياسي على حساب الحقوق الشرعيه والحق العام , وبالتالي لا يمكن ان يكون هو المقصود بهذا الخطاب لان هذا معناه وجود حيثيات متناقضه وغير مترابطه في الخطاب .

 الان السؤال يعيد نفسه مرة اخرى من هو المقصود بالخطاب ؟ ؟

بعد ذلك تم التاكيد على ان الاصلاح هو منظومه متكامله ويجب ان تكون ممنهجه ضمن سياق قانوني لئلا يشتكي البعض من بعض الاصلاحات وايضا تم التاكيد على ان يأخذ عامل الوقت باهميه بالغه وان الاصلاحات لابد ان تنفذ ضمن جدول زمني محدد وان الاصلاحات لايجب ان تكون فرديه وانما يجب ان تشترك الجهات التشريعيه والقضائيه والتنفيذيه , وهذا نص صريح بأن المعني بهذا الخطاب هي هذه الجهات وليس غيرها , ولكن الا يبدو هذا غريباً جداً لان المعركه المصيريه اخذت تعتمد الياتها على تعاون بين السلطات الثلاثه وهي التي ستقوم بهذه المهمه , حسنا هل يمكن ان نعتبر هذا تفويضا لهذه السلطات لكي تاخذ وقتها وتقوم  بالاصلاح عندها فالمعركه المصيريه مع من بالضبط ومن هي الاطراف المعنيه بالمعركه وهل الشعب العراقي هو الجانب المصلح من المعركه فاذا كان كذلك فمعنى هذا اننا نطلب من الجانب الفاسد ان يصلح وربما تكون هناك هدنه او استرجاء او وعود من قبل المتصدين للعمليه السياسيه للمرجعيه  لاعطاء الوقت حتى لاتكون حجه عليها وبالتالي لم نفهم بالضبط من هي الجهه المعنيه بالخطاب .

والان السؤال يعيد نفسه مرة اخرى من هو المقصود بالخطاب ؟ ؟

والذي يتفحص الخطب يرى انها وجهت  خطابا الى هيئة النزاهه بان تاخذ دورها الفعال في القضاء على الفساد في حين وعلى جانب اخر نرى ان السيد العبادي قد صرح بان هيئة النزاهه وحسب المعادله التي طرحها بان الحكومه تصرف اموال على الهيئه اكثر من الاموال المسترده من قبلها , ايضا توجهت بخطاب لمكافحه مرض الكوليرا وانه يجب الاهتمام بهذا الجانب فهل كان هذا الخطاب موجهاً الى وزارة الصحه أو البيئه التي دمجت معها أو الى رئاسة الوزراء  بأكمله ,ومن الخطب الاخيره تم توجيه خطاب الى من اسمتهم البعض ممن يظنون بان المطالبات الجماهيريه قد ضعفت واحتضرت حيث صرحت المرجعيه بان المطالبات ستعود اقوى واوسع ( ولات حين مندم ) فهل نفهم من هذا ان هناك تهديد بتأجيج المظاهرات وتوسيعها وترحيلها الى مستوى اخر اقوى من المظاهرات  السلميه السابقه وهنا نطرح التسأؤل التالي ماهي الاسس التي استندت عليها المرجعيه في خطابها التحذيري هل استندت بذلك على شيوخ العشائر الين أختفوا من المشهد تماما او استندت على الرجال الحوزويون من شيوخ معممين او ساده معممين والذين الى الان لا نعرف موقفهم من المظاهرات كونها تطالب بالمدنيه وهناك خلاف بالراي وجدال عميق بهذا الشأن ولا بتكليفهم الشرعي المنادي بالاصلاح فهل حان دورهم الان , ام ان الاستناد سيكون على الزياره الاربعينيه القادمه وحجمها الكبير والمؤثر حتما اذا ما اريد لهذه الزياره ان تأخذ منحى اخر غير المتعارف عليه في الزيارات اتي سبقتها .

الان السؤال يعيد نفسه مرة اخرى من هو المقصود بالخطاب ؟ ؟

واخيرا اهتمت باخر خطاب بالجانب التربوي لما لهذا الجانب الحيوي من تاثيرات مباشره على الواقع الذي نعيشه اليوم وربما شعرت المرجعيه بان هذا القطاع هو الذي يحدد هوية المواطنه وان الاصلاح بعمومياته من الواجب تشريعه واعتباره منهجاً لتغيير التركيبه البنيويه للمواطن اذا ما اريد لاي مجتمع ان يقوم بدوره بالشكل الصحيح بمعنى اخر أن نلجأ الى الستراتيجيه الوقائيه بدلا من المعالجات المرحليه والتكتيكيه المؤقته وهذا خطاب كبير جدا ويحتاج الى دراسات ضخمه والى مختصون بارعون والى قراءة مستفيضه للاسباب بحياديه عاليه , فأذا كان هذا الخطاب موجهاً الى وزارة التربيه كونها المعنيه بهذا الجانب فلابد ان نعي جيدا بأن ما المَ بالجانب التربوي من سقوط وتردي كان سببه هي السياسه الغير ممنهجه والفوضويه والارتجاليه التي مارستها تلك الوزاره على مدى السنوات الماضيه حتى وصل الامر الى اوطأ نسبة نجاح في السنه الماضيه والتي وصلت في بعض المدارس الى نسبة الصفر. الان السؤال يعيد نفسه مرة اخرى من هو المقصود بالخطاب ؟ ؟

الان السؤال يعيد نفسه مرة اخرى من هو المقصود بالخطاب ؟ ؟

والان لنجمع الافكار ونحاول ان نستخلص محصله هي ان المرجعيه تتصدى الان بقوه الى العمليه السياسيه القائمه بالعراق ولان الواقع السياسي الحالي ليس مترابطا بالشكل الذي يؤهله للاخذ بالخطاب المرجعي واعتباره من المسلمات المؤكده على الرغم ان الاغلبيه الموجوده في الساحه السياسيه هي من الاحزاب الدينيه والتي ولحد الان تتضارب الاعتقادات بان المرجعيه كانت في وقت ما مؤيده لتلك الاحزاب , فالدور الان يجب ان يكون قوياً في الخطاب السياسي وان يكون موجها بالاتجاه المعقول والصحيح , فكما أن الخطاب الديني مسلم به كونه أنطلق من درايه فقهيه وعقائديه وتشريعيه عالية المستوى بحيث انها ستأخذ الجانب التطبيقي والتكليفي بالنسبه للمقلدين والذين يراعون ان تكون الامور المستحدثه في العبادات مستنده الى اصل مرجعي مجمع على فقهيته وأعلميته . ولذا فمن المؤكد ان الاتجاهات السياسيه تختلف كونها غير مبدئيه ولا ايمانيه واغلبها تعتمد المصالح الدنيويه سواء كانت اقتصاديه او موقعيه او انتخابيه وبعضها اصبح استيطانيه والحقيقه نستطيع ان لا نستثني اي حزب او كتله سياسيه اذا ما عكسنا هذا الواقع على الحياة السياسيه في العراق , وبكلمه اخيره نرى ان الخطاب الشرعي ملزم بالاجماع لانه واضح ويستند الى الاعلميه بالدين , اما الخطاب السياسي لابد ان يكون موجها ومحدد المعالم والاطر مرحليه كانت ام زمنيه وان يستند على درايه سياسيه متكامله وغير مجزاه تشمل المنظومه السياسيه برمتها لكي يمكن توجيه المطالبين بالاصلاح بتوحيد الصفوف أما الى التغيير او الى التصحيح وهناك فرق شاسع وواضح بين الاثنين . وحتى لا تأخذنا التاثيرات الزمنيه والتعبويه في مسارات بعيده عن المسار الحقيقي .