18 ديسمبر، 2024 11:29 م

القوات متعددة المهام ( ق م م )

القوات متعددة المهام ( ق م م )

دخل العالم في منتصف العقد الثاني من القرن الحالي حقبة جديدة من الحروب وشكل غير تقليدي من النواع التهديد مما استوجب تغيير اشكال الجيوش وإعادة التنظيم للقوات المسلحة وتجديد لمناهج تدريبها وتأهيلها بما يؤمن القضاء على التهديد الجديد .

شرعت بعض الدول مبكرا في اعداد قوات جديده متعددة النطاق ذات تدريب عالي ومهارات في استخدام الاسلحة الحديثة والتعامل مع وسائط الاتصالات والاستطلاع الحديثة كما انها دربت بعناية لاستخدام تكنلوجيا المعلومات والمعالجات الرقمية واستخدام الفضاء الالكتروني وبنفس الوقت حرمان العدو من استخدامه ، سميت هذه الوحدات بتسميات مختلفة منها قوات التدخل السريع او القوات الخاصة او القوات الضاربة .. الخ من المسميات التي تقترب من صفات هذه القوات فهي قوات مختصرة باعداد قليلة تتحرك بسرعة ورشاقه تحت جنح الظلام لتهاجم خلايا الأعداء في اوكارها وتدمرها ويكون هدفها الإبادة أولا او التعرية كهدف ثاني وتستخدم أسلحة فائقة التكنلوجيا ذات دقة عالية وكثافة نار مع قابلية التدمير والخرق العاليين تعمل مع قوات مدنية محلية مسلحة ومجهزة ، أصبحت اليوم قذائف الهاون موجهة والطائرات المسيرة ترافق القوات والمفارز الصغيرة ومجاميع فتح الطرق والروبوتات تعالج وترفع العبوات على جوانب الطرق والمفخخات والتخريبات المؤجلة وتسهل الاقتحام لمجموعة الإبادة والتمشيط وتحرير المناطق . القتالات الجديدة قد تكون في ابنية وعمارات وانفاق تحت الأرض ، موجات من القنابل البشرية والعجلات المفخخة ، طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات مضاعفة التأثير ، الغام مطورة غير تقليدية واستخدام نشط لأي منصة تصلح لتكون أدوات للقتل ، كل شيء ملغم حتى لوحات الطرق والارصفة والاشجار، كل حجر وكل حيوان وكل جامد او متحرك قد يكون الة تدمير ، القنص للقادة والضباط والجنود واستهداف عجلات المسعفين وعناصر الاخلاء لأضعاف معنويات المهاجمين ، تدمير البيئة والبنى التحتية لانهاك الاقتصاد ورفع كلف الحرب ، تلويث المياه وتخريب السدود بل تصل الى اغراق المدن بفيضانات نتيجة تخريب قنوات الصرف كل تلك المشاهد هي من سيناريو تدريب القوات الخاصة الامريكية التي تم اعدادها مؤخرا للمشاركة في القتال ضد داعش .

العراق البلد الأكثر تأزما في العالم والذي يمتلك قوات مسلحة تعتبر الاحدث في المنطقة حيث تشكلت قبل عقد ونيف من الزمن بعد ان حل الجيش العراقي السابق وبني على اطلاله جيشا يفترض ان يكون الأكثر قوة وضراوة في المنطقة كونه وليد القوة الاعتى في العالم ولكن هذا الجيش فشل في اول اختبار له وانهزم امام مجاميع إرهابية صغيرة وتعددت أسباب تلك الهزيمة ولكن لم اجد من تطرق الى ضعف التأهيل والتدريب وعدم معرفة أساليب القتالات غير التقليدية ، هجوم بعجلة يقودها انتحاري على الباب الامامي للوحدة العسكرية يتبعه اقتحام لمفرزة من عدة انتحاريين يفتحون نيران بنادقهم ورشاشاتهم بكثافة يؤدي الى هزيمة تلك الوحدة والهروب بسبب عدم القدرة على الصد فالوحدات العسكرية عموما هي معسكرات للراحة وليست مواضع قتال دفاعية وغير مستعدة لمواجهة تلك الهجمات .

آخر التقارير الامريكية الذي قدمه نخبة من ضباط القوات الامريكية المكلفين باعداد دراسة لتطوير الجيش الأمريكي والذي خرج بتسع وثلاثون توصية وصف مؤسسات التدريب بوصف رائع اقتبس نصه ( لقد ولى زمن القياس الواحد للجميع ) وهنا يقصد الكلية العسكرية التي تؤهل المتطوعين للعمل كضباط في الجيش الأمريكي بل ان الكلية باساليبها القديمة التي ورثتها عن مرحلة الحرب الباردة لم تعد كافية لاعداد جيش المستقبل ! فما بالك بكليتنا العسكرية التي لم تغير من مناهج تدريبها منذ التأسيس وتسير وفق ما خطه لها الإنكليزفي العشرينات من القرن الماضي . اما مراكز تدريب الجنود فهي عبارة عن مؤسسات بائسة تلخص تجربة الحرب العالمية الثانية بمناهج تدريب متخلفة وضباط صف مدربين تقليديين وكانت مخرجاتها جنودا لا يفقهون فنون القتال ولا استخدام الاسلحة جل مهامهم هوالمهارة في تفتيش الدور والسيطرات على الطرقوفنون ابتزاز المارة .

آن الاوان كي تكلف وزارة الدفاع نخبة من الضباط الكفوئين والاستفادة من الخبرات المتقاعدة لاعداد دراسة لبناء قوات مسلحة مصغرة وقوية بتقنيات عالية لعل ابسطها ان يتقن ضباطنا المستقبليون اللغات الكردية والفارسية طالما ان القيادات مشتركة والمستشارون كثر، كما لابد من الاهتمام بالقوات المدنية من المتطوعين المحليين وأساليب التنسيق والتعاون والقيادة والسيطرة فحروب الغد لا تجابه بقوات نظامية كلاسيكية بل بقوات غير تقليدية وباستخبارات نشطة وجيش ذكي بوحدات صغيرة ويجب ان يعاد حساب ميزانية الكلف للجندي والضابط لان الميزانية قد تزيد بل تتضاعف فاذا كان تلميذ الكلية العسكرية يكلف بحدود ٢٤٠٠٠ دولار فقد يكون ضابط الغد يكلفنا اكثر بكثير لكنه يحمي الوطن حقا ويدافع عنه ، المطلوب الان ضباط يقاتلون بشجاعة وشراسة لا ضباط يتقنون المسير وأداء التحية العسكرية لكنهم لا يتقنون التصويب والرمي والثبات في الميدان كما نحتاج الى قادة يهملون العناية بالوجه وإزالة الشعر وحقن البوتكس وصبغ الحواجب والشعر ويعتنون بالتدريب واتقان فنون القتال الحديث ، نحن احوج مايكون اليوم الى الرجال الاشداء المقاتلون بصمت لا الذين ترافقهم كاميرات الاعلام ومواقعهم الفيس بوكية وصورهم بوجناتهم الوردية تملأ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي .