يتسائل .. كاتب إسرائيلي : هل تترك المعارضة التركية أردوغان ينفذ مشروعه ؟

يتسائل .. كاتب إسرائيلي : هل تترك المعارضة التركية أردوغان ينفذ مشروعه ؟

كتب – سعد عبد العزيز محمد :

لا شك أن الاستفتاء الدستوري التركي الذي جرى يوم الأحد 16 نيسان/ابريل 2017، قد قلب كل الموازين وغير وجه تركيا إلى الأبد، فقد دق “أردوغان” بهذا الاستفتاء الذي مُرر بفارق هزيل المسمار الأخير في “نعش العلمانية الأتاتوركية” ووضع البلاد على خط العودة إلى العصر العثماني. ولكن يبدو أن المعارضة المنقسمة على نفسها لن تترك أمر تركيا لقمة سائغة لأردوغان. وفي هذا الإطار طالعنا الكاتب والسياسي الإسرائيلي المخضرم “يوسي بيلين” بمقال في صحيفة “إسرائيل اليوم”، يوضح فيه خطوات أردوغان للانقلاب على القيم العلمانية، ثم يضع المعارضة التركية أمام مسؤولياتها للتحرك من أجل كبح جماح أردوغان.

تركيا بين إرث أتاتورك وسحر أردوغان..

يقول الكاتب بيلين: إن “الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” يعرف تماماً ما يفعله، فقبل أن ينتهي رسمياً فرز أصوات المشاركين في الاستفتاء، خرج الرجل ليعلن انتصاره. وقد فوجئ الكثيرون بأن الفارق بين نسبة المؤيدين ونسبة المعارضين كان ضئيلاً للغاية، ولكن يبدو أن أردوغان فوجئ من مجرد الانتصار نفسه. ولكن من يعرف تركيا حقاً يعلم إنها بلد منقسم بين الليبراليين والمتدينين، بين من هم على العهد مع إرث “أتاتورك” وأولئك الذين يسعون للقضاء على ما تبقى من ثورته المدنية”.

ويضيف بيلين: “بعد التأييد الذي حظي به أردوغان من قطاع لا يستهان به من الليبراليين لمدة تزيد على عشر سنوات، بسبب نجاح سياساته الاقتصادية وسعيه للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، آن الأوان لأن يفقد تأييد المنتمين لهذا التيار لأنهم علموا أنه بدأ يخطو نحو حكم سلطوي، ولكن السحر الأردوغاني لا يزال يأسر التيار المحافظ المتدين بشدة”.

ويؤكد الكاتب الإسرائيلي على أنه كلما بدا أردوغان متعطشاً للقوة والسلطة، كلما انفضَّ عنه أولئك الذين اعتقدوا أنه ليس كذلك، وكلما أصبح أكثر فظاظة وتهديداً واستفزازاً تجاه العالم كله، وكلما ابتعد أكثر عن أوروبا وتمتع أكثر بامتيازات السلطة مثل القصر الفاره الذي بناه لنفسه وبه أكثر من ألف غرفة، كلما أعاد تقسيم الشعب مراراً وتكراراً.

أردوغان يفعل المستحيل..

يرى “بيلين” أنه لا يوجد خلال السنوات الأخيرة في تركيا سوى معسكرين متماسكين يمثل أردوغان أحدهما، ولكي يضمن لنفسه الأغلبية فإنه يفعل أشياء لا يصدقها العقل. من ذلك على سبيل المثال أنه فرض على الشعب التركي انتخابات برلمانية جديدة في تشرين ثان/نوفمبر 2015 عندما لم تمكنه نتيجة الانتخابات الأولى التي جرت في حزيران/يونيو من العام نفسه، من تشكيل الحكومة.

ويضيف: “كان ذلك هو عين ما جرى في هذا الاستفتاء الدستوري، فبما أن الديمقراطية في تركيا جريحة، فلم يُسمح للمعارضة بالطعن على مخالفات التصويت المزدوج وحالات التزوير الموثقة. ولكن ربما لو كان قُدِّر للسلطة القضائية أن تحكم بوقوع هذه المخالفات، لكان الانتصار المحدود لأردوغان تحول إلى هزيمة محققة”.

أردوغان فقد توازنه..

يعتقد الكاتب الإسرائيلي: “أن انفعال أردوغان على بعض الدول الأوروبية حتى تسمح لوزراء أتراك بحضور فعاليات لدعم الاستفتاء على أراضيها لم يكن بلا سبب، فقد حاول هؤلاء الوزراء إقناع المهاجرين الأتراك بتأييد إلغاء الديمقراطية في تركيا، فقد أدرك أردوغان أنه في مسيس الحاجة إلى كل صوت. والآن فهو مقبل على التحدي الجنوني التالي، وهو “إعادة عقوبة الإعدام”، بما يعني استخفافاً سافراً بالاتحاد الأوروبي الذي يجعل إلغاء تلك العقوبة أحد شروط الانضمام إليه”.

ويقول: “إن كثيراً من المحللين السياسيين من مختلف أنحاء العالم لا يفهمون كيف أن أردوغان – ذا الشعبية الجارفة والذي يعتبر فوزه في الاستفتاء أمراً محسوماً بما سيجعل الطريق أمامه ممهدة للبقاء في السلطة حتى عام 2029 – قد ثارت ثائرته عندما لم يُسمح لوزرائه بالترويج لشطب الديمقراطية من قاموس تركيا. ولكن أردوغان نفسه أدرك أن فوزه ليس مضموناً على الإطلاق”.

المعارضة وفرصتها الذهبية..

ختاما يرى “بيلين” أن المعارضة – التي يطالبها أردوغان الآن بالصمت بعد خسارتها في الاستفتاء – أمامها فرصة ذهبية لتحقق نجاح مذهل إذا ما قررت أن تخوض معركة النضال، فبين أوساط هذه المعارضة أناس يدركون أن الديمقراطية أمر وجودي بالنسبة لتركيا. ويضيف الكاتب الإسرائيلي: “بالطبع ليس المقصود فقط رؤساء أحزاب المعارضة الذين سجن أردوغان بعضهم، وأنما المقصود أيضاً بعض الشخصيات التي دائماً ما حُسبت على الدائرة المقربة من أردوغان، مثل الرئيس السابق “عبدالله غول” ورئيس الوزراء السابق “أحمد داوود أوغلو”، فهذين الرجلين وغيرهما قلقون للغاية من تصرفات أردوغان ولا يريدون العودة إلى عصر السلطان”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة