النمو السكاني في تزايد.. تلك بديهة، تشكل جزءاً من حتمية الحياة.. في كل مكان وزمان، لكن العالم المتحضر، يستجيب لسياق المنطق الوجودي المطلق، بإستيعاب النمو خدميا وغذائيا وسكنيا و… بتأمين مستلزمات الرفاه، وفق متطلباته؛ إذ تنشئ دول العالم المتحضر محطات توليد كهربائية جديدة، كل عامين، وتضيف وحدات للمحطات السابقة؛ بإعتبار كل ولد وبنت كانوا يعيشون في كنف أهلهم، تزوجوا وفتحوا بيتا جديدا، يستلزم أدواتٍ كهربائيةً وإنارةً وتكييفاً، يشكل عنصرا ثالثاً، يتضافر مع منزلي الأهل، بإعتبارهما العنصرين الحاضنين اللذين غادراهما، وأنشآ وحدة سكنية أخرى.
والأمر ذاته يشمل بناء مستشفيات وغرس متنزهات وإستصلاح مساحات زراعية في الريف لتغذية إتساعات المدينة وإستيراد سيارات وبناء معامل لتأمين حاجة المجتمع الآخذ بالتماهي مع الآية القرآنية الكريمة: “إنا خلقنا الكون وإنا له موسعون” وفتح منافذ لتشغيل المتخرجين في الجامعات والأيدي العاملة.. غير المتعلمة.
أين نحن من هذه التساؤلات واجبة الإجابة حضارياً، والتي يؤدي إهمالها الى سفح الولادات الجديدة، من دون ضمانات مستقبلية، ينفرط بموجبها الآتي.. هباءً في مهب اللا شيء..
أيصح ذلك في دولة فاحشة الغنى، كالعراق.. تنوء بثروات غير قابلة للقياس، فحقول النفط العراقي، أعمق غوراً، من مجسات التحسس لمعرفة الإحتياطي، بينما يستخرج منها بطرق بدائية جائرة، منذ 1928 ولحد الآن، ولا يبدو عليها أنها قابلة للنضوب، فمليارات البراميل، تبزل منها وما زالت أذرع الهندسية قاصرة عن بلوغ عمق الإحتياطي.. هذا من غير الزئبق والزجاج الفائق الجودة، والذي إذا إستثمرناه بجد، تكتفي دول العالم بالإستيراد منا بدل الإنتاج في أراضيها.. والفوسفات التي شهدت إقبالا كبيراً خلال السبعينيات والثمانينيات وسواهما من نعم الرحمن علينا بالسياحة الدينية، التي تشمل الإسلام والمسيحية واليهودية.. على حد سواء، فضلا عن السياحة التقليدية، من جبال وأهوار وصحارى لصيد الحبارى والصقور والغزلان، في محميات طبيعية، تدر علينا ذهباً، لو تعاقدت الوزارت المعنية.. بنزاهة، ومن دون إبتزاز، مع مستثمرين محليين أو خارجيين، تحت إشراف نيابي وحكومي وجهات إستشارية متخصصة.
وكل هذا من شأنه الإرتقاء بالعراق لتخطي مشاكله الموارة، التي تداهم المنظومة العلمية، باللاجدوى.. يأسا من التعيين بعد التخرج، في الجامعات الرسمية والأهلية، التي يمكن تعزيزها بزمالات للخارج؛ كي نردم الفجوة التي فغرت فاها بيننا والعالم، جراء تعثرنا بالمشاكل السياسية والحروب و”العقوبات الدولية – الحصار” والإرهاب، بادئين من حيث إنتهى العالم.. نواكبه تقدما حضارياً، يحررنا من ذواتنا التي ترتجف برداً؛ جراء إفتعال شتاء لا وجود له في الواقع.. إنما فقط في خيالنا.. يهب علينا بقارس الفتن الطائفية والعرقية والإقتصادية والـ… أشكال؛ نتخطاها؛ إذا إشتغلنا بإرادة موحدة ونية صافية، على “حب الله” ضمن مبدأ الخير يخير.