26 نوفمبر، 2024 10:08 ص
Search
Close this search box.

نقطة ضعف داعش هويته السنية

نقطة ضعف داعش هويته السنية

ماكس بوت/ لوس أنجلوس تايمز
الهوية “الإسلامية” لتنظيم داعش جذبت، ولأسباب مفهومة، الكثير من الانتباه. ليس هناك من شك أن داعش مجموعة متعصبة بأيديولوجية دينية منحرفة عن صميم هويتها، وان نداء هذه الأيديولوجية إلى جانب التشويق الهائل لخوض المغامرة يؤدي بالأجانب- في فصل الصيف، كانت أحدى التقديرات تشير إلى 1000 شخص في الشهر- إلى الذهاب للعراق وسوريا من أجل الالتحاق بصفوف هذا التنظيم المسؤول أيضا، بطبيعة الحال، عن توفير الحافز للإرهابيين على تنفيذ عمليات إطلاق النار الجماعية والتفجيرات في باريس، إضافة إلى تفجير طائرة الركاب ميترو جت الروسية والعمليات الانتحارية في بيروت.  

ولكن لداعش هوية أخرى كذلك، تلك التي تمثل أهمية أكبر بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في الواقع في إطار “الخلافة” الخاصة بالتنظيم، وهم المجموعة العنصرية من العرب السنة التي ينظر أبطالها إلى المصالح العربية السنية ضد أولئك الكرد (الذين هم أيضا من السنة)، والمسلمين الشيعة والعلويين والتركمان والمجموعات العرقية والدينية الأخرى في العراق وسوريا. تلك المصالح هي بقدر السياسية والعرقية لكونها دينية.

كل هذا يساعد في تفسير السبب في أن الكثير من البعثيين السابقين – غالبيتهم من العرب السنة – بارزون جدا في صفوف هذا التنظيم، لاسيما أعضاء أجهزة استخبارات صدام حسين. هم يرون داعش أفضل وسيلة لتأكيد هيمنتهم التقليدية في العراق، التي فقدوها مع سقوط صدام حسين. وفي سوريا، تم تهميش السنة حتى في وقت سابق، مع صعود حافظ الأسد في العام 1971، والد الدكتاتور الحالي بشار الأسد، الذي، تحت عباءة حزب البعث السوري، انشأ بالأمر الواقع حكما لعائلته الكبيرة جميع العلويين (وهم فرع من الإسلام الشيعي).

تمثل الهوية العرقية السنية مصدر قوة لداعش وضعف قاتل على حد سواء، إذا ما تم استغلالها بشكل صحيح.

إن سجل العامين الماضيين واضح جدا في هذا الشأن: يمكن لداعش أن يمسك فقط بالمناطق العربية السنية، ولم يكن قادرا على التقدم في معقل الشيعة في العراق أو معقل العلويين في سوريا. وعندما يتوسع ويحاول السيطرة على المناطق الكردية والشيعية أو الأيزيدية، فبالامكان صده.

حدث ذلك في شمالي سوريا، حيث انتزع الكرد بلدة كوباني من سيطرة داعش، وكذلك في شمالي العراق، حيث استعادت قوة من الايزيديين والكرد بدعم من القوة الجوية الأمريكية مؤخرا مدينة سنجار.

ولكن داعش يمسك بالرقة، في سوريا، والموصل والرمادي ومدن أخرى في العراق لم تتزعزع، المدن التي هي في المقام الأول مأهولة من قبل العرب السنة (باعتراف الجميع مع أقلية كردية كبيرة في الموصل) الذين يرون في حكم داعش بديلاً أفضل من هيمنة العلويين الانتقاميين أو الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران.

ويبدو ان تلك القوى وداعموها الإيرانيون، الذين شكلوا القوات المسلحة الأقوى في كل من العراق وسوريا فهموا ذلك. على الرغم من الحث الاميركي اللا متناهي، كانت قوات الأمن العراقية والميليشيات الشيعية ليست في عجلة من امرها لاستعادة الرمادي أو الموصل لأنهم يعرفون أنهم لا يمكنهم الامساك بتلك المدن. كما أن الكرد يفهمون ذلك، وهذا هو السبب وراء عدم زحفهم نحو الرمادي أو الرقة أيضا، وإذا ما ساروا نحو الموصل، فإن ذلك سيؤدي إلى رد فعل عنيف بين الأغلبية السنية هناك.

هذه الحقائق تعني أن سقوط سنجار على أيدي الكرد، رغم الترحيب، لا يوشر إلى الهزيمة القادمة لداعش في العراق وخارجه. إن الطريقة الوحيدة التي ستحقق ذلك تكمن في حشد العرب السنة إلى الانتفاض ضده مثلما انتفضوا ضد سابقه، تنظيم القاعدة في العراق في العام 2007.

وهذا لن يحدث إلا إذا ما وفرت الولايات المتحدة وحلفاؤها للسنة بعض التطمينات من أنهم لن يبدلوا طغيان داعش بطغيان الحكم الشيعي.

في العراق، السنة بحاجة إلى منحهم حكومة إقليمية، شبيهة بالحكومة الإقليمية الكردية، مع استقلالية تحميها الميليشيا الخاصة بها ومضمونة في نهاية المطاف من قبل الولايات المتحدة. إذا لم تتماشى مع ذلك، فيجب على الولايات المتحدة حينها ان تتجاوز بغداد وتقوم بتسليح وتدريب القبائل السنية بصورة مباشرة. وفي سوريا، فإن السنة بحاجة إلى ان يتم منحهم المستقبل الذي لا يجري فيه إرهابهم من قبل الأسد والميليشيات الشيعية.

وبعبارة أخرى، فإن الولايات المتحدة تحتاج إلى إيضاح عزمها على اسقاط الأسد سوية مع داعش، وإعلان مناطق حظر الطيران لسلاح الجو التابع للأسد، إضافة إلى استحداث مناطق آمنة للحد من تقدم قواته في المناطق السنية، حيث سيمثل هذا بداية جيدة.

وحتى يحدث ذلك، يمكن للولايات المتحدة الاستمرار في الانسحاب التدريجي على حافات داعش، ودعم الهجمات الكردية في العراق وسوريا واسقاط القنابل على الإرهابيين مثل الجهادي جون، إلا أنها لن تلحق الهزيمة بداعش، والذي كما تثبت الهجمات من باريس الى شرم الشيخ، أصبح يشكل خطرا متزايدا. هذا هو الشر الذي لا يمكن، على عكس ما يقول الرئيس أوباما، احتواءه، بل يجب إلحاق الهزيمة به، وان الطريقة الوحيدة لذلك هي بانقلاب العرب السنة – قاعدته الشعبية – ضده.

 

ماكس بوت هو كاتب مساهم في عمود الرأي، وأحد كبار الباحثين في مجلس العلاقات الخارجية ومؤلف كتاب “الجيوش غير المرئية: تاريخ ملحمة حرب العصابات من العصور القديمة إلى يومنا هذا.”

أحدث المقالات