27 نوفمبر، 2024 7:54 ص
Search
Close this search box.

تاسوعاء وساعات التتويج

تاسوعاء وساعات التتويج

الثورة الحسينية تميزت بشمولها على جميع الفئات, فالرجل والمرأة والطفل؛ والشيخ والشاب والرضيع, لتكون أخلد الثورات وأطولها عمرا, لأنها قدمت الجميع قربانا في سبيل الدين, فمن بين هذه الفئات عقيلة الهاشمين, وما جرى في يوم تاسوعاء وكيفية الاستعداد للمرحلة المقبلة, وتعبئها من قبل سيد الشهداء للمصائب التي ستؤول اليها بعد استشهاد الحسين ومن معه.
ليلة تاسوعاء ليلة زينبية خالصة, استذكرت فيها وأخيها (ع)؛ الدروس والخطط التي رسمت لهم من قبل الرسول والوصي, وكيف تتحمل الأنسية الطاهرة هول المصيبة وشدة الكفالة, فالعيال ستكون بعد يومين؛ أمانة في عنقها, فتوجت زينب (ع), في ليلة تاسوعاء كفيلة لليتامى والنساء, وكذلك ناطقة رسمية للثورة ووزارة للإعلام الحسينية, لتوضح للعوام ما جرى في الطف لتصنع الخلود.
بعد استشهاد الحسين (ع) وأصحابه, بدأت المهمة الزينبية الشاقة, وأولها جمع يتامى الطف التي هربت في الفلوات, بعدما خرجت (ع)؛ عند مقتل أخيها تنادي (يبن أمي ان كنت حي فأدركنا), هنالك همت زينب ان تنعى الحسين, فانفرج لها الجيش سماطين؛ فدخلت المعركة بحشمة أمها الزهراء؛ مقدمة القربان الحسيني لوجه تعالى, بكل عفة ووقار؛ لتفوت الفرصة على كل من كان يود ان يتشمت بعلي (ع), وعادت بوقارها لتجمع عيالها مستعدة للبلاء.
المهمة الثانية: كانت الكوفة وكيف كانت زينب مخدرة فيها والآن تدخلها سبية, لكنها لم تهن ولم تنكل؛ فبدأت بتحريك روح الثورة والتمرد؛ لدى الكوفيين, لانهم يعيشون في خلل نفسي, فمن اليوم الاول اعتمدت على اللغة المشحونة؛ لتأجج روح الندم لديهم, فتخاطبهم: (يا أهل الخذل والعار؛ أتبكون: فلا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنة؛ فمثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا).
المهمة الثالثة الأقوى: كيف تدخل عقيلة الطالبيين قصر يزيد سبية, ينظرها القاصي والداني, لتنفجر تلك اللبوة مدافعة عن كيانها, معرفة السذج بحسبها ونسبها؛ وتعلنها صرخة مدوية وتنشر الثورة الحسينية؛ والمفاهيم التي ضحى من أجلها سيد الشهداء, لتنعى الحسين (ع) في قصر يزيد وتوبخه: (كد كيدك؛ واسعى سعيك؛ فوالله لا تمحو ذكرنا),
بعد أكثر من عشرة قرون؛ زينب تبر بقسمها صادقة, فذكرها مازال يتجدد, وعزاءها مازال قائما, ونحن نستلهم من ثورة الحسين أبهى صور الاستبسال في سبيل الذكر الزينبي, التي عاهدت يزيد عليه اللعنة باستمراره, فما يقدمه أبطالنا اليوم في سوح الوغى الا امتداد لتلك الصرخة الزينبية, واستلهاما من تضحياتها وصبرها.
سلام عليك يا ام المصائب؛ يوم ولدت؛ ويوم تبعثين الى ربك راضية محتسبة؛ صابرة على هول المصيبة وأقسى الصعاب.

أحدث المقالات

أحدث المقالات