الكتابة عن حكام مدينة طويريج( قضاء الهندية) ربما يسبب لك بعض المتاعب، لكن هذا هو عملنا نشخص الإشياء الغريبة، ومنها معانات ثلاثة مناصب في القضاء من مسؤولي الصوبين، الذي نقصد به طرفي المدينة الشرقي ( الصوب الصغير) والغربي ( الصوب الكبير) الذي يفصل بينهما نهر الفرات.
هذه المناصب هي القائمقام ومديري البلدية الشرطة، وعلى طول ذاكرتي التي تمتد الأكثر من(45) عاما شهدت ولمست صراعا مريراً يذهب ضحيته هولاء الذين يشغلون المناصب الثلاثة، لاسيما منهم من تقل حيلته ومكره، ويعود ذلك للصراع الكبير بين مسؤولي الصوب الكبير الذي بات اليوم صغيراً كونه لم يتمدد كثيراً، كما حصل للصوب الصغير، لكن مازال اهل الهندية يلصقون صفة الكبير لصوبهم على الرغم من انه فقد هذه الصفه، ويصرون على تسمية الصوب الصغير بالصغير على الرغم من كبره المترامي.
في هذه المدينة التي لم تخلوا من قيادات متميزة وفاعلة في الانظمة كلها، ففي زمن الحكم الملكي كان لهذه المدينة وجود، وفي زمن عبد الكريم كانت حاضرة بقوة، وحين تولى الحرس القومي كانت لها حصة الأسد بوزير العمل. وعندما تولى البعث كبر نجم هذه المدينة، وأصبحت سرادق ميلاد الضروة تملأ المدينة من طولها الى عرضها، وفي الاربعينية يقاتل ابناء الهندية من اجل تقديم الخدمة لزوار اي عبد الله الحسين إنها مدينة جمعت المتناقضات كلها، فقد اجتمع فيها الخير والشر والجمال ونقيضه والجهاد وربما الكفر.
لانريد ان نبعد عن موضوعنا الأساس، فلا يدوم في هذه اي مدير بلدية أكثر من اشهر معدودات، ثم يفصل او يطرد أو يهرب من كثرة الضغوط عليه، لانه لو ارضى مسؤولي الصوب الكبير، فهذا يعني انه أغضب مسؤولي الصوب الصغير، ولو فعل العكس فسيحدث له العكس ايضا، ولن نعاصر مديراً لبدلية الهندية استمر سنة واحدة سوى مهندسا من الناصرية، لكنه ابتلي بالسكر والضغط وخفقان القلب.
والحال ينطبق على مدير الشرطة، فكثيراً منهم لم يخرج من كرسيه سالماً معافى بسبب هذه الصراعات التي امتدت حتى بعد سقوط النظام السابق لتتأصل بشكل اكبر وأوسع وتتحول لصراع كبير ومرير ربما يكون ضحيته هذه المرة القائمقام.
بعض هولاء أعطى ولائه لمسؤولي احد الصوبين، وترك الباقي لكن مقاومته لن تطول والضربات عليه من كل حدب وصوب قد تجبره على فقدان توازنه.
وأخيرا اتفق صوبي المدينة على اختيار مهندس شاب نشط نزيه معتدل ليكون قائمقام لهذه المدينة وحتى مجلسها اعطاه الثقة المطلقة، على أمل تحقيق الاستقرار والهدوء لهذه المدينة، ولم يعترض عليه سوى احد الممنافسين لشغل المنصب بقوله: كيف تقبلون يا اهل الهندية ان يكون قائمقامكم صغيراً وتتركون أجلائكم وكبراءكم.
اما انا فأقول ان هذا الاتفاق على المهندس منتظر الشافعي لن يدوم طويلا بعد الدخول في المنافسات وقرب الإنتخابات، فأما انه سيضع ولائه لاحدى قوى الصوبين، او يصاب بالسكر والضغط مبكراً، او يطلب اللجوء لمدينة إخرى، لانه من المستحيل أن يتفق الصوبين إلا ان يتم اصدار قراراً بتعين قائمقامين الأول يشغل الصوب الكبير، والآخر يشغل الصوب الصغير، أو يتم إستحداث دوام مسائي متناوب بينهم، الاول من الصباح وحتى الثالثة ظهرا ولمدة ثلاثة ايام، والآخر من المساء وحتى منتصف الليل ويتركون حماية المدينة ليلاً لمدير الشرطة، ويتم عكس الدوام في الايام الأخرى ويمكن ففط حل هذه المشكل أو ان طويريج ستصحوا يوما على انقلاب عسكري يطيح بقائمقامها، ومدير شرطها، ومدير بلديته،ا لانه لم يوزع الاراضي بشكل عادل بين الناس، او وبإقالة قائمقامها بتهمة تحويل موازنة الهندية لشراء قصور في الإمارات ودويلة قطر، وسجن مدير شرطتها لانه يتعامل مع دولة اجنبية مع الإعتذار للمهندس منتظر الشافعي، لانه شاب طموح، وأبن رجل كريم تربطني به علاقة طيبة ومتميزة رحمه الله، فضلا انه لم يسلم من عذابات النظام السابق.