الواقع الهزيل لا يليق بثروات العراق، فحتى لا نسيء اللفظ لضيق الجواب، وجميع مَنْ في العراق، يطرح سؤالاً بسيطاً: أين ذهبت ميزانية أمانة بغداد طيلة الأعوام الثمانية السمان، والتي عاشها العراق أيام حكومة مختار العصر، وميزانياتها الإنفجارية، أما ما يشاع حول الإصلاحات، حيث بدأ بها العبادي منذ فترة ليست بالقليلة، فهي مجرد ورقة إصلاحية، لإسكات الغضب المرجعي والشعبي ليس إلا!
أرادت أمينة بغداد شيئاً، يستجيب للعصر وليس للقدر، فقد إستنفرت الأمانة جميع طاقاتها وكوادرها، لأداء واجبها في تصريف مياه الامطار، والتي حذرت منها دائرة الأنواء الجوية، قبل أيام من تساقطها، لكن لم تستطع عليها صبراً، لذا قدمت إستقالتها، أو بالأحرى تم إقالتها، وفي كل الأحوال فالأمينة تائهة بعد الطوفان، وبدت شهادة التكنو قراط غير فاعلة، للوقوف والسير بين طبقات الوحل!
لقد كان تعيين هؤلاء الدعاة النخبة، بالتولية أو بالوكالة، أمر على مقدار كبير من سوء التخطيط، لأنه ليس كل أكاديمي، ناجح في عمله التعليمي، هو ناجع في تخصصه على أرض الواقع، خاصة في المواقع التي تتطلب شجاعة وجرأة، وعليه فالتفرد في القرارات، لإرضاء غايات حزبه، يدفع ثمنها المواطن، وأنتم تجبرونه على طلب مرعى جديد، لا قصور ولا عجز فيه، ويهاجر من العراق بحثاً عن الأمن، والأمان، والخدمات، حيث المواطنة والحقوق!
العلاقة بين أمينة بغداد، والنخلة الماشية المسماة، ب (سوقراطيا أيكنروهيزا)، هو أن هذه النخلة المنتشرة، في الغابات الإستوائية من أمريكا الوسطى والجنوبية، تتحرك من مكانها بمقدار متر واحد، طيلة سنة كاملة، وقد علل كثير من العلماء هذه الظاهرة، بأنها تبحث عن الغذاء والشمس، وفي الخريف تحديداً، والأمر نفسه ينطبق على أنثى التكنوقراط، ذكرى علوش الصراف، التي لم تبذل كل جهودها في فصول السنة الأخرى، لمعالجة تخبطات وتداعيات، الفشل العبعوبي المريعة!
أمانة بغداد ومدن الخطايا، تقبع في مناصبها دون فائدة تذكر، وتعكس مقدار السرقة والفساد والهدر في المال العام، فالتغييرات والإصلاحات، التي أجريت في الأمانة الموقرة، لم تأتِ بشيء جديد، وإنما تغيير في الوجوه، وتبادل المناصب والمكاسب فقط، فالأمطار الغزيرة، وإن كانت نعمة الباريء عز وجل للأرض، لكنها في العراق سرقت أعزاءنا، وإستقرارنا، وبيوتنا المغلوبة على أمرها، بيد أنها جعلتنا نتجمع في مكان واحد، وتحت هم واحد هو، متى ستشرق الشمس؟