رغم عديد الملفات التي تناولها اجتماع الوطنية النيابية ، برئاسة زعيمها اياد علاوي ، وبحضور ، عضوها وزير التجارة ، الذي استضاف الاجتماع ، الاثنين الماضي ، فإن ماميز اللقاء تأكيد السيد علاوي على الارتقاء بالاستجابات الى مستوى التحديات المقلقة التي عبر عنها المجتمعون عبر احاطاتهم ايضا ، وتبني الوطنية ورئيسها لهذه المعادلة ، كدليل عمل ، يمنحها القوة الاخلاقية الدافعة من جانب ، ويهيئ لها التحرك على ارضية صلبة يحققها الاجماع الوطني الواسع ، من جانب آخر ، لذا جاءت الطروحات والمعالجات واضحة وموضوعية وخالية من الدوافع الضيقة حزبية او فئوية او شخصية .
الملفات الامنية والاقتصادية والسياسية المثقلة بالتفاصيل والرؤى كانت حاضرة على طاولة البحث ، والاستجابة الواعية مثلت التحدي الاول طوال المناقشات ، فدوامة المشهد ، وسرعة حركته ، وتزايد لاعبيه ، تصيب بالدوار ، وتتطلب الخبرة لمحاذرة الانجرار الى تقديرات خاطئة ، والسيد علاوي ونواب ائتلافه واعضاء قياداته يواجهون التحدي بإعادة ترتيب الاولويات ، فاصلاحات ، الحكومة ، بقصورها ومالازمها من الخروقات الدستورية والقانونية بحق ( رئاسة الجمهورية ، ومجلس النواب ، ومجالس المحافظات ، وغيرها ) تبتعد عن مفهوم الاصلاح الحقيقي بقدر ماتحمل من وجوه للفساد ، وفي مجانبتها لحاجات المواطنين الاساسية ،
مايستدعي اعادة النظر بالتفويض النيابي الغامض الممنوح لرئيس مجلس الوزراء و تحديده ، ورفض التجاوز على المؤسسات ومثاله التعيينات في المفوضية العليا للانتخابات ، ومساسها بما تبقى من استقلال مجروح لهذه الهيئة ، فالاصلاحات المطروحة ليست الا قفزة في الفراغ ، وتثير من الانقسامات والجدل اكثر ممايستجيب لمطالب المواطن واحتياجاته في حدودها الدنيا ، فهي لاتقترح او تقدم حلولا جدية للتحديات إن على صعيد الجبهة الداخلية : في تحقيق المصالحة وترصين الوحدة الوطنيتين ، و تنفيذ وثيقة الاصلاح السياسي ، وبناء المؤسسات الدستورية ، ومنها العسكرية والامنية لتحقيق النصر العسكري على الارهاب ، وادامته بضمانة النصر السياسي ، ولا على صعيد الجبهة الخارجية : بتحشيد الجهد الاقليمي والدولي ضد الارهاب ، هذا النشاط الغائب عن اجندة الدبلوماسية العراقية بتلاشى رغبة الحكومة وقدرتها على ادارة اللعبة في حلبة تحالفات الاضداد الكبار وصراع المحاور في المنطقة ، وهي ( الحكومة ) بتخبطها تلف علاقاتها الخارجية بالضبابية وبما يهدد مصالح الامة ووجودها .
على صدارة القضايا المبحوثة من الوطنية خطط الانتقال صوب الاصلاحات الكبرى في قطاعات الامن وضرب الارهاب وتصويب الاوضاع الاقتصادية والمالية فهي العناوين الاكبر في الاصلاح ، لمواجهة الانزلاق المتسارع نحو قاع الكارثة ، بالدعوة الى اعتماد اجراءات واسعة لسد الفجوة الكبيرة في عجز الموازنة ونقص الموارد ، على سبيل اعادة النظر بجولات التراخيص والتعاقدات مع الشركات النفطية وربط التمويل بالانتاج ، والافادة من الغاز المصاحب لتوليد الكهرباء ، وتصحيح اسعار المحروقات ، وجباية الكهرباء ، وخصخصة بعض القطاعات لسد العجز وتقليل الانفاق ، مع توافر المؤشرات على عدم تحقيق ارتفاع في اسعار النفط في الامد القصير ، وتمتد هذه الاجراءات الى محاربة الفساد في قطاع الطاقة ، والى القطاع المصرفي ومزاد العملة وتهريبها وغسيل الاموال ، وكذلك البطاقة التموينية والاستثمار ، لجعل المعالجات متناسبة مع طبيعة التحديات المرعبة ، خلافا للاصلاحات الدعائية التي تتبناها الحكومة ولاتتجاوز إشغال الراي العام .
علاوي طالب نواب كتلته لان يكونوا في قلب التحديات ، مذكرا بان المسؤولية تقع على عاتقهم اولا بعد ان حسموا خيارهم الوطني وارتضوا مواجهة الخندق الطائفي السياسي وامتداداته الخارجية ، مذكرا بثلاثة ملايين نازح يعيشون في ظروف انسانية قاسية ، وبمعاناة ملايين اخرين من المرتهنين في قبضة داعش الارهابي ، وتزايد اعداد ضحايا عصابات الارهاب من ابناء المحافظات المغتصبة كلما عاد الحديث عن اقتراب التحرير ، لافتا الى ان اغلب نواب الوطنية هم ممن هجرت عوائلهم ويعيشون محنة الارهاب المزدوجة بتداعياتها الوطنية والشخصية . المجتمعون استذكروا ايضا تقرير بعثة الامم المتحدة الى العراق عن سقوط مايقرب من الفي ضحية خلال شهر ايلول الماضي لوحده ، وارتفاع وتائر الارهاب والعنف والجريمة والخطف والابتزاز وسيادة الميليشيا على الشارع بما تشكله من تحديات تضعها على صدارة الهم العراقي .
بدت الوطنية اكثر انسجاما وتماسكا في خطاب اعضائها ، وفي بلورة وصياغة افكار ومشاريع قوانين ومذكرات بشأن القضايا المختلفة وباتجاه كافة السلطات والمؤسسات الرسمية والسياسية ، ومازاد من هذه الوحدة حضور رئيسها بتاريخه النضالي وخبراته السياسية وعلاقاته الواسعة بما يضفي علىالنقاشات طابع الحيوية والمصداقيةوالدقة ، وقد تجسدت وحدة الائتلاف بدعمه لوزيره ازاء مايتعرض له من تسقيط سياسي تقوده لوبيا مخلفات الفساد ، والوزير بتصميمه على مواجهة الفساد واسقاط رؤوسه الكبيرة اثبت التزامه بنهج الوطنية في النزاهة والكفاءة والشجاعة عندما استعرض المعوقات والعراقيل والعثرات التي توضع في طريقه لافشال عمل الوزارة في تقديم خدماتها الممتدة الى كل بيت عراقي ، والنيل من شخص الوزير وكتلة الوطنية التي ينتمي اليها .
مايثير الاعجاب والدهشة ، تلك الحيوية التي واكبت الاجتماع ، بدءا من رئيسه ومرورا بكل النواب والاعضاء ، لتفتح نافذة من الامل عكستها الاستجابات الواعية الممتزجة بالتصميم الراسخ وسط تحديات جسيمة ومفتوحة على احتمالات مفزعة .