لندن ـ كشف عميل سابق للمخابرات الإسرائيلية أن جهاز الأمن الخارجي في الموساد رفض طلبا إيرانيا بتصفية المرشد الإيراني الأعلى الراحل روح الله الخميني عندما كان في منفاه في فرنسا عام 1979، وذلك قبل حدوث ما يسمى بالثورة الإسلامية في إيران، وفق صحيفة يديعوت أحرنوت الاسرائيلية.
وقال يوسي ألفر، أحد كبار رجال الموساد سابقا إن طلب الاغتيال صدر من الحكومة الإيرانية المكلفة بقيادة البلاد من الشاه محمد رضا بهلوي قبيل مغادرته إلى المنفى.
وقال ألفر إنه مع اتساع تظاهرات المعارضة التي دعمت الخميني ومغادرة الشاه إلى المنفى، توجه رئيس الحكومة العلماني الذي عينه الشاه ليحكم مكانه شهبور بختيار في يناير/كانون الثاني 1979 إلى رئيس بعثة الموساد في طهران، اليعيزر (جايزي) تسفرير، ونقل إليه طلبا بسيطا “أن يقوم الموساد الإسرائيلي بقتل الخميني”.
واعترف ألفر بهذه الحقيقة خلال مؤتمر خاص عقد في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب قبل ايام بمناسبة صدور كتابه “دولة معزولة: البحث السري لإسرائيل عن دول حليفة في المنطقة.. إسرائيل ونظرية المحيط”.
ولم يوضح الكاتب الإسرائيلي أسباب هذا الرفض.
ويرجح مراقبون أن يكون الموقف الاسرائيلي، في تلك الفترة، متعلقا بيقين تل أبيب من أن حكومة شهبور بختيار لن تستطيع الصمود أمام ثورة أنصار خميني، إضافة إلى أنها لا تستطيع التضحية بعلاقتها المتطورة مع إيران ومساعيها للحفاظ عليها في عهد قادة النظام الإيراني الجديد وهو ما نجحت فيه فعلا في وقت لاحق، رغم حالة “العداء الظاهر” بين الطرفين الذي تسعى طهران للترويج له لأسباب سياسية محضة.
ويقول محللون إن ايران تحتفظ بعلاقة سرية ومتطورة مع اسرائيل ترجمت في التعامل بينهما على اكثر من صعيد، سواء تعلق الأمر بمشتريات الأسلحة أو التعاون ضد الدول العربية وأخيرا ضد تنظيم الدولة الإسلامية خاصة في سوريا.
ويؤكد المحللون على ان إيران وإسرائيل أظهرتا تماثلا في أدواتهما توجّهاتهما تجاه الدول العربية المحيطة بهما، وأدواتهما لإلحاق الأذى بهذه الدول.
ويضيف هؤلاء ان العداء الإيديولوجي الظاهر بين الدولتين أخفى وراءه عدد كبير من المشاريع العسكرية والاقتصادية والبحثية المشتركة والمستمرة بينهما، دون أن تنقطع فعليا بعد “الثورة” الخمينية عام 1979.
وتشير صحيفة يديعوت احرونوت إلى أن بين إسرائيل وإيران في ظل حكم الشاه، كانت تقوم علاقات سرية واسعة جدا، وشملت شراء أسلحة وأدوات حربية، ساهمت في إثراء الصناعة في إسرائيل، بل إنّ الدولتين أقامتا جهاز علاقات استخبارية قريبا ودافئا.
وعلى هذه الخلفية تم التعامل مع طلب بختيار بجدية كبيرة، وقام تسفرير بنقل الطلب إلى مقر الموساد في تل ابيب، وهناك اجتمعت قيادة التنظيم لبحثه.
وكان الزعيم الإيراني في هذا الوقت يقيم في باريس.
وطردت بغداد الخميني من العراق الذي سبق وأن لجأ إليه بعد نفيه من إيران في سنوات ستينات القرن العشرين.
وقال ألفر “لقد أعلن رئيس الموساد الجنرال يتسحاق حوفي، في بداية الجلسة أنه ليس منحازا لاعتبارات أساسية إلى دعم الطلب، لكنه طلب سماع رأي الحضور.. وقلت لقادة الموساد، إنني أجد صعوبة في دعم الطلب؛ لأننا لا نعرف ما يكفي عن من هو وما هو الخميني”.
وسارع ألفر ليضيف “أنا نادم جدا لأنني لم أدعم الطلب”.