بعد مرور ١٢ عام على اسقاط القوى الغربية بقيادة اميركا للنظام الصدامي ، وسيطرتها على القرار السياسي في البلاد ، والاخيرة تحاول ابقاء قوة تأثيرها فاعل على المشهد العراقي ، وحتى بعد انسحاب القوات الامريكية رسمياً من البلاد عادت من جديد بحجة قتال العدو المصطنع “داعش” لتعود بقواتها والتي قوامها اكثر من٥٠٠٠ جندي أمريكي تمركزوا في قاعدة الأسد في الحيانية بالانبار تحديداً ، وهذا ما يدعوا الى النوايا الخفية لتواجد مثل هكذا قوات في هذه المنطقة تحديداً .
الولايات المتحدة بدت تعمل في الشرق الأوسط بصورة انتقائية وبدون اي استراتيجية واضحة ، واغلب القرارات تأتي لمصالح انية دون النظر الى المصالح المشتركة لها وحلفائها ، في حين نجد ان الروس في المنطقة وخصوصاً على الجبهة السورية مبني على اساس ستراتيجية واضحة تتمثل في زيادة نفوذها في المنطقة ، وابقاء قوة علاقتها مع حلفائها ، وابقاء الدعم السياسي والعسكري لحلفائها .
الأميركان ومنذ الايام الاولى لاحتلال داعش للأراضي العراقية وهم يعلنون ان قتال داعش سيطول لاكثر من ثلاث سنوات ، وهي فترة ليست بالأمر السهل والهين امام زيادة تشبث داعش اكثر وأكثر وتمددها في الاراضي العراقية ، في حين ان القوات الروسية أعلنت ان الحملة يمكنها من تدمير البنية التحتية لكافة الفصائل الارهابية في سوريا وبدون مساندة من اي جهة دولية او الحاجة آلو التحالفات خلال أربعة أشهر فقط مع العلم ان القوات الحكومية السورية لا تسيطر سوى على ١٧٪ فقط من مساحة البلاد والباقي موزع ومسيطر عليه بين فصائل القوى الارهابية ، عكس داعش في العراق والتي لا تسيطر سوى على محافظتين .
التحالف الدولي المعلن والذي تشكل من ٦٠ دولة ذات قدرات تسليحية ضخمة يحتاج لحسم المعركة مع داعش الى ٣٦ شهر ، في حين ان عدد الطلعات الجوية لهذا التحالف وصلت الى اكثر من ١٦٠٠٠ الف طلعة ، وبحسب المصادر والإحصاءات الامريكية فان عدد قتلى داعش هو ١٦٠٠٠ الف قتيل اي بمعدل داعشي واحد لكلل طلعة ؟!! ، وان الطلعة الواحدة تكلف اكثر من مليون دولار ، وهذا ما على الحكومة العراقية دفعه للخزينة الامريكية .
الطلعات الروسية المركزة والتي قوام أسطولها ٥٠ طائرة وبدون اي دعم دولي أعطوا فترة أربعة أشهر للقضاء على داعش وتقويض وجودهم ، وعندما نقارن بين الفترتين نجد ان الأميركان خلقوا تنظيم داعش للتلاعب بمصير الشعوب والبلدان الشرق الأوسط ، ومحاولة خلط الأوراق في هذه المنطقة من اجل بسط سيطرتها اكثر وأكثر ، وضمان أمن اسرائيل ، لهذا كان التدخل الروسي والذي جاء بذكاء وعبور علو الاتفاقات والبروتوكولات الدولية ليعلن الدب الروسي ان المنطقة لايمكن السيطرة عليها من اميركا وحدها ،بل هناك شريك أساسي ويجب الوقوف والاتفاق معه .
الدخول الروسي المفاجأ في المنطقة أربك الوضع تماماً ووضعه امام خيارات عدة ، وأهمها المواجهة المسلحة بين القوى الدولية والتي وجدت ارض العراق والشام ساحة حرباً مشتعلة للمواجهة هناك ، وهذا فعلا ما حصل في لقاء جمع بين الرئيس الروسي ونظيره البريطاني واستخدام لغة التهديد فيما بينهما مما ينذر بحدوث مواجهة وشيكة بين هذه الأطراف ، وامام كل هذه المعطيات يبقى القارى ينتظر نتائج الضربات الروسية لرؤوس داعش وانجلاء الغبرة عن ارض المعركة واعلان من هو المنتصر ، كما انه بداية لسقوط امبراطورية ” الكابوي ” في الشرق الأوسط .