إذا كان المقصود بِ ” نحن ” كعرب , فالأنظمة العربية التي اعترضت على التواجد العسكري والقصف الجوي الروسي لمواقع داعش في سوريا ” والمرشّح أن يغدو كذلك في العراق ” , فهو اعتراض ليس سوى موالاة مضاعفة ومفرِطة للولايات المتحدة ولغيضها ممّا يسبب هذا القصف دعماً من نوعٍ ما للرئيس بشار الأسد , وهو ايضا يقف بالضد من دعم بعض هذه الأنظمة للتنظيمات المتطرفة التي تقاتل الدولة السورية .
أمّا ” نحنُ ” في العراق , فسرعانَ ما جرى الإعلان عن إنشاء او تأسيس مركزٍ تنسيقي لتبادل المعلومات الأستخبارية تشترك فيه سوريا وروسيا وايران فضلاً عن العراق والذي تقرّر أن يكون مقرّه في بغداد . وكذلك وايضا ! فما أنْ اعلنت روسيا عن استعدادها للقيام بعملياتِ قصفٍ جوي للدواعش في العراق اذا ما جرى الطلب منها للقيام بذلك , فقد فوجئنا و تفاجأ الرأي العام في العراق بسرعة اصدار او اعلان تصريحاتٍ لبعض الجهات او التنظيمات السياسية في العراق تعبّر فيها عن رفضها واستنكارها لهذا الدور الروسي الجديد .! , وهنا , ومن دون أنْ نُبدي ” الآن ” موقفاً إيجابياً او سلبياً تجاه الموقف الروسي , فنقول : – لماذا هذه العجالة في إطلاق الأحكام المسبقة على التطوّر الروسي الجديد ونزوله المفترض على الساحة العراقية الساخنة , ومنْ قبل أنْ تتّضح معالم وملامح وجزيئيات هذا الحضور الروسي , وكذلك احتمالات مضاعفاته الأفتراضية ايضا .!؟ , ثُمَّ . ماذا يضير تلك الأحزاب السياسية إذا ما زادت الضَرَبات الجوية على داعش عبر القاصفات والمقاتلات الروسية حتى ولو بنسبة 1% على سبيلِ مثالٍ إفتراضيٍّ .! , ثُمّ , لماذا الإصرارالمتسرّع لهذه الأطراف السياسية لِتُظهِر موقفها وكأنّه ملاصقاً ومعانقاً للموقف الأمريكي تجاه روسيا , وهو موقفٌ مزمن وامتداد غير مباشر للحرب الباردة بين الأتحاد السوفيتي السابق والأمريكان , او بينَ حلف الأطلسي وحلف وارشو السابِقَين , كما أنه ذات الموقف الإحتجاجي لتنظيم الأخوان المسلمين في مصر .! ثمّ نرى أنّ هذه الجهات السياسية المعترضة قد التزمت جانب الصمت تجاه أخبارٍما تفيد بأنّ كوريا الشمالية والصين قد اعربتا عن استعدادهما لمشاركة روسيا في عمليات القصف الجوي على تنظيم داعش , وإذا كان سبب هذا الإعتراض يعود الى وجود ايران في في مركز التنسيق وتبادل المعلومات , فأنّ الدور الأيراني موجود في العراق اصلاً وهو اكبر بكثيرٍ من مشاركتها روسيا وسوريا والعراق في هذا المركز المشار اليه . والى ذلك فينبغي الإشارة او إعادة التذكير الى أنّ بعض المسؤولين الأمريكان وبضمنهم ” السيناتور جون ماكين ” سبق واعلنوا أنّ المقاتلات الأمريكية المتوجهة الى قصف مواقع داعش فأنها طالما تعود بذخيرتها الى قواعدها الجوية او من حيث انطلقت .!
< الحَلَقَة المفقودة .! > : منْ علائم الغموض الذي يلف ويكتنف الموقف الأمريكي في التصدّي الجوي لداعش في شمال العراق , أنَّ القيادة العسكرية الأمريكية في العراق لا تُقدّم ولا تعرض على وزارة الدفاع العراقية نتائج وافلام التصوير الجوي التي تلتقطها طائرات الأستطلاع الجوي الأمريكية لمواقع داعش , ولا حتى صور الأقمار الصناعية حول ذلك .! وتكتفي في احايينٍ ما بعرضِ لَقَطاتٍ ما تُظهِر تدمير مركبةٍ او عجلةٍ تحترق تعود للدواعش , وفي الصددِ هذا فعلينا الإنتظار اذا ما اتّخذَ الروس ذات الموقف الأمريكي او عدمه .! , وتجدر الإشارةُ هنا الى أنّ الرئيس المصري السابق ” انور السادات ” كان قد طلبَ من الأتحاد , السوفيتي المنحل أن يعرضوا على مصر صور الأقمار الصناعية الروسية للمعارك التي دارت شرق قناة السويس في حرب 6 تشرين عام 1973بين الجيشين الأسرائيلي والمصري فور الأنتهاء من تلك الحرب لكنّ الكرملين رفض آنذاك الطلب المصري .! , ومع الفارق الشاسع والظروف والمتغيرات السوفيتية السابقة وبين حكومة الرئيس بوتين , فعلينا الأنتظار لنلمس مدى تعاون روسيا اليوم مع العراق .
يتوجب على الحكومة العراقية اليوم أن تستثمر التنافس الأمريكي – الروسي تجاه العراق وأن تلعب لعبتها الدبلوماسية بكفاءةٍ عالية لمصلحة البلاد , لكنه بصراحة فمن المشكوك فيه أن تمتلك الخارجية العراقية لمثل هذه القُدُرات , وسطَ انتقاداتٍ حادّة منْ قِبل وسائل الإعلام لإبراهيم الجعفري لسوءِ إدارتهِ للوزارة , بالإضافةِ الى افتقاد السلك الدبلوماسي العراقي لكادرٍ من الدبلوماسيين المحترفين , بل والمفتقدين للحدّ الأدنى لمبادئ الدبلوماسية .
وبالعودة الى موضوع ” الحضور الروسي ” في سوريا والعراق , والملفت للنظر فيه أنّ الحكومة العراقية لمْ تتقدّم لغاية الآن بطلبٍ الى روسيا للمشاركة في عمليات القصف الجوي على مواقع الدواعش .! وهذا الترّيّث او التلكّؤ قد يرسم من حوله ” أبعاداً تتوالدُ منها ابعاد ” وهو ايضا ما يبيح الإفتراض أنّ الأمريكان هم وراء ذلك .
ولعلّنا ” بتواضعٍ ” قد استبقنا الأحداث , فقد كتبنا في هذا ” الموقع ” في 7 8 2015 مقالاً بعنوان : < لماذا لا نُدخِل روسيا على الخط > , وليس ذلك نوعاً من تبنّي النهج السياسي الروسي في المنطقة , إنّما من الخطأ تسليم مفاتيح الحل بيد الولايات المتحدة , والتي ” منذ اليوم الأول لسقوط الموصل ” تصرّ على القول أنّ المعركة مع داعش ستطولُ لسنينٍ وسنين .!