كان حي الميكانيك في التسعينات وحتى نهاية عام 2007 من أفضل احياء بغداد نظافة وجمالية ، وهو يقارب أحياء بغداد الراقية كالمنصور وحي الجامعة من حيث الاسواق والشوارع النظيفة وجمالية العمران ، أما الان فأن الازبال والنفايات تغطي كل شوارع هذا الحي وسوقه الذي تحول الى قرية بائسة تتجمع فيها كل القاذورات والازبال ان لم يكن حال حتى القرى النائية افضل بكثير من حي الميكانيك واحياء الطعمة وآسيا والشرطة وبقية احياء بغداد التي بلغت فيها مستويات الانهيار البيئي درجات مرعبة، حتى عدت العاصمة الأكثر قذارة في التاريخ المعاصر!!
كانت قناة هنا بغداد وهي مشكورة على جهدها الاعلامي المثابر على خلاف بقية الفضائيات أفضل من قدمت تلك الصورة المأساوية قبل يومين ، وكان معاون المدير العام للبلدية الذي ظهر يرد على ماعرضته قناة هنا بغداد في ورطة امام الكاميرا ، ولم يكن بمقدوره الرد على شكاوى المواطنين التي انهالت على ذلك التقرير الرائع الذي أطلع أمانة بغداد ومسؤولي بلدية الدورة على مآسي مواطني حي الميكانيك وما يعانونه من قذارة شوارع محلاتهم وبخاصة سوق الميكانيك الذي كان يعد أنظف أسواق بغداد قبل سنوات واذا به في الدرك الأسفل من القاذورات التي تنهمر في شوارع السوق وامام اصحاب المحال التجارية بلا رقيب او محاسبة وبلا وضع حاويات كبيرة تنتشل سوق الميكانيك من هذه التجمعات الرهيبة من النفايات ومخلفات المحال التجارية التي لايفرض أحد عقوبات على اصحابها لكي تردعهم عن رمي النفايات بهذه الطريقة وامام مرأى المواطنين الذين يحتارون في كيفية المشي في شوارعها بين الازبال واكداس النفايات التي أصبحت احدى تراكمات الصورة المأساوية عن واقع احياء الدورة وما حل بها من مآس وويلات!!
أما مجاري المنطقة فحدث ولا حرج فمعظم شوارعها تطوف بالمجاري في معظم احياء السنة والشتاء على الابواب وفي العام الماضي عانت من طفح المجاري ووصل منسوب مياه الامطار الى البيوت، والغرابة ان من تم تعويضه قبل عامين عن مياه الامطار هم موظفون من أمانة بغداد ومسؤولين فيها لم تشهد بيوتهم أي طوفان في الامطار اما المواطنون في حي الميكانيك فلم يقبضوا فلسا واحد ممن تضررت بيوتهم من طفح الامطار، واحد هؤلاء المسؤولين ممن حصل على التعويض هو في منصب رفيع في أحد مشاريع أمانة بغداد ويقطن الدورة، ولم يشهد بيته أي فيضان كونه كان أعلى من كل البيوت المجاورة له، ومع هذا حصل على تعويض لم يكن احد يعلم بها هذا العام عندما تحدث بنفسه عنه وكأنه يتفاخر بانه قشمر الجهات المسؤولة وقبض منها أموالا تقدر بمليوني أو ثلاثة ملايين دينار او ربما أكثر، لأنه ربما جمع بيوتا من مناطق أخرى من أقربائه واضافها الى قائمة التعويضات واهالي شارعه لايعرفون عن التعويضات ولم يسمعوا بها أصلا وما خفي عن سرقات من الدولة في دوائر البلديات ومشاريع امانة بغداد كان أعظم!!
أما مدير عام بلدية الدورة حيدر الجبوري فأن ما نشر عن فضائح فساده تزكم الانوف ، وتشير الاخبار الى مقاولات كثيرة حصل منها على مئات الملايين من الدنانير جراء امتلاكه اسطولا من الناقلات والسيارات الحوضية والكبيرة والشفلات التي تستخدم في اعمال النظافة كونها عائدة له ويجني من تسخيرها في أعمال بلديته على اموال هائلة لايعلم بها الا الله وبعض الراسخين في العلم ، وهو ماكشفه قريبه النائب المعروف في كشف الفضائح مشعان الجبوري قبل ايام على صفحته في الفيس بوك، إذ أشار صراحة الى ان مدير عام بلدية الدورة له اقطاعيات كبيرة من آليات البلدية بالتعاون مع مسؤول رفيع في الدولة، يقبض منه اموالا يسيل لها اللعاب، ومع هذا اهمل الاهتمام بأحوال منطقته المسؤول عن نظافتها ، وتحولت الدورة الى قرى مهجورة لاتعرف من معالم المدينة شيئا يذكر.
وما تحدث عنه احد مواطني حي الميكانيك لقناة هنا بغداد والقسم البلدي فيها الذي يعد من أقذر أقسام الامانة لما يعانيه المسؤول الفرعي فيها وليس رئيس القسم الذي يعد افضل بكثير من بقية مسؤولي القاطع من لامبالاة واهمال وعدم اهتمام بما يتجمع حول بناية بلديته من قاذورات وازبال تتكدس بشكل غريب عجيب، ولا يرى مواطنو الحي أية خدمة تقدم لهم ، كما أشار ذلك المواطن الى تأثيرات المتجاوزين في بداية حي آسيا ونهاية الميكانيك الذين قبض منهم مدير عام البلدية اموالا طائلة جراء موافقته غير الرسمية وغير الاصولية على استخدام مساحات زراعية ليسمح باالبناء العشوائي فيها حتى تحولت احياء الميكانيك واسيا الى خرائب وأزبال ومياه طافحة تغمر معظم شوارعها هذه الايام.
أما أمينة بغداد المختفية عن الانظار منذ ان وطأت قدمها أرض الأمانة ( ذكرى علوش ) وما يطلق عليها الاعلامي أنور الحمداني في قناة البغدادية ( عبوبة بغداد ) فلم يرها أحد من مواطني الدورة انها زارت مدينتهم في يوم ما ، وكأن احياء بغداد لاتراها من قريب او بعيد، ولم تلتفت في يوم من الايام الى ما تشهده بغداد من قذارة احيائها وخراب مدنها وتحولها الى اقل بكثير من مستوى القرى لأن قرى كثيرة مازالت أفضل من مدن بغداد ومحافظات اخرى، حتى راح الكثيرون يترحمون على ايام عبعوب واستعراضاته الغرامية باعتباره كما يقول في رواياته عن نفسه انه كان المسؤول الأجمل في الدولة ممن كانت له معجبات كثيرات من إيران ودول شرقي آسيا ، وكانت فرقة موسيقية تستقبله عند عودته من أية سفرة خارج العراق وينقطع طريق المطار من كثرة موظفي الامانة الذين يذهبون لاستقباله في جو مفعم من الالعاب النارية والأهازيج الشعبية ترافقه افضل الفرق الموسيقية ، حيث يقوم البعض برقصة ( الجوبية ) على طريق المطار وتنحر الذبائح ( وتغني الغجريات ) المواويل المولعة بحب الرجل إكراما لمقدم الأمين الاسطورة وتوزع الاكراميات والهدايا على المشاركين في مسيرة الاستعراض بعد ان يصل موقع الامانة ، ويمنحون استراحة ليومين من شدة التعب ، وورقات خضراء من فئة المائة دولار ، والعمال الأدنى ممن شاركوا في تقديم العروض يمنحون مائة الف دينار عراقي وعمال التنظيف خمسين الفا، بالرغم من ان عبوب لم يكن الوحيد الذي لديه فرقة موسيقية تستقبله في كل رحلة يعود منها ، لكن زعيم نقابة صحفية لديه أيضا فرقة تعزف له الالحان في المناسبات الوطنية وهي تهرول وراءه في كل احتفالية تجري ببغداد في تلك المناسبات ، ومع كل ماحل ببغداد من خراب في زمن عبعوب الرجل الاسطورة ، والذي دخل قائمة غينيتس في عدد المعجبات فقد كانت النظافة في عهده الى حد ما افضل مما هي عليه الان بالرغم من انها لم تكن خدمات لها شأن يذكر ، قياسا الى نسبة الانهيار الذي شهدته خدمات الأمانة هذه الأيام !!
ولا ندري ان كانت هيئة النزاهة المرتبطة بمجلس الوزراء او الجهات الرقابية تدري بما وصل اليه حال بغداد وما يجري من عمليات نهب لأموال العراقيين بالمليارات على مشاريع الأمانة الوهمية تشكل ارقاما مرعبة ، وحبذا لو تفقدت قناة البغدادية او هيئة النزاهة او اية جهة رقابية أخرى قريبة من مجلس الوزراء مشروع ماء البوعيثة لترى حجم الخراب والسرقات والضحك على الدولة في هذا المشروع وما صرفت عليه من اموال وهو مشروع وهمي لاوجود لمكائنه ومعداته على أرض الواقع، وما تم سرقته من هذا المشروع يقدر بمئات الملايين من الدولارات على معدات ورواتب وهمية لاوجود لعاملين فيها الا على الورق..ومشاريع أخرى تحت اشراف الامانة تهدر فيها الاموال ( بلا وجع قلب ) كما يقال في المثل العراقي..لكن ارادة الله لابد وان تكشف هؤلاء السراق والفاسدين، ومن نهبوا عشرات الملايين من الدولارات من مشاريع لها وجود شكلي لكن معظم مكائنها ومعداتها سرقت في وضح النهار وبيعت في المزاد العلني بثمن بخس!!