فليكن كلامنا هذه المرة صريحاً وبلا رموز .. العراقيون ( السنّة ) يختلفون عن السنّة العرب وغير العرب وكذلك العراقيون ( الشيعة ) في العراق يختلفون عن الشيعة العرب وغير العرب ، فالمذهبية في العراق أمرٌ ثانوي جداً لأنَّ الدين أولاً يليه التسلط والحكم العشائري والمناطقي .. وأبناء العمومة في بغداد والفرات الأوسط والجنوب تسابقوا رُغم فقر إمكاناتهم المادية بسبب العجز المستمر والفساد الذي أصاب هيكلية الدولة بالشلل لإستقبال أبناء عمهم وظهرانيهم من المهجّرين والنازحين من ( الأنبار ) وفتحوا قلوبهم قبل بيوتهم لهم، ما لبث وأن طعنه مسؤولو تلك المحافظات بسم زعاف بدءاً بطلب ( الكفالات ) إشترط دخول النازحين بإنخراط أبنائهم في معسكرات قتالية !!
هذه التصرفات لم تحدث في كل بقاع الأرض ولم أقرأ لها في التاريخ مثيلاً وهو تصرف شوفيني لكل مبادئ الإنسانية .. ومن المعيب أنَّه تزامن مع إنعقاد القمة ( الأوربية ) في جلسة طارئة لمناقشة الحد من غرق وفقدان آلاف المهاجرين إلى دول أوربا من دول آسيا وأفريقيا !
وما تنقله وسائل الإعلام لا يمتُّ إلى الحقيقة بصلة لأنني شخصياً من زبائن هذه الطرق وبوابات تلك المحافظات قبل أزمة نازحي ( الأنبار ) وكنتُ أرى وأتأثر بتصرفات جميع سيطرات ونقاط تفتيش الدخول والخروج إلى بغداد كربلاء وما يقوم به الشرطة والجنود من تصرفات مزاجية حتى وإن كان الّذين يستقلون تلك السيارات أساتذة في الجامعة .. فالأمر يبدو موحداً لديهم فالآتون من الأنبار متلبسون بجرم مشهود والمغادرون تلبسوا بجرم مؤجل حتى يعودوا .. يسعى البعض من
( قادة السياسة العراقية ) في عراق ما بعد التغير : إلى بعثرة أية جهود أو محاولات لملمة شمل الأمة العراقية وهي تمر بأصعب وأدق ظرف مصيري يحيط به الغموض من كل جانب , فبينما يحتار هؤلاء النخبة الجديدة في كيفية استبدال درجات الطاعة والانصياع للقوى الى مسؤولين كبار من ساسة هذا البلد إلى وضع آلية غير ثابتة لاكتشاف وسائل وأساليب جديدة للمهادنة وتثبيت القادة الجدد للسياسة العراقية بمناصبهم التي طالما يثار حولها الكثيرمن التساؤلات وترفع عليها اللافتات ولسان حالهم يقول : للعراقي الأصيل ( اقتل نفسك بعيدا عنا ) وتقص عليها حكايات الرياضي والمشجع العراقي المسكين الذي لا حول له إلا الاستماع ولا قوة إلا الرضوخ , في هذا الوقت ترتفع أصواتٌ من الأغلبية واقصد تحديداً
( العراقيين الاصلاء ) لتوحيد الصفوف ورأب الصدع وترقيع الشقوق لان ما يحيط بالأمة
( العراقية ) ومستقبلها يكاد إن يكون كابوساً حل عليها , فمن بين احتلال العراق وخطوات المتلاعبين بالقوت العراقي يبرز في الواجهة الخطر المحدق بالسياسة العراقية خطراً كبيراً , وهنا لا أريد أن أُعيب على هذه الدولة سلبيات أجزائها الصغيرة أو بواطنها مادامت أعلى سلطة فيها تمتلك عقل البصوان الذي يدقُّ الصافرة ليلاً محذراً اللصوص من أنه يتجول في أروقة وأحياء مدننا القديمة .. ولا يمكن أن أشكر أهلي وأبناء عمي في مدن بغداد والفرات الأوسط والجنوب المتمردين على تعليمات وأوامر البصوانية .. فالأمر ليس جديداً أو غريباً عليهم لكنه يحمل معان كبيرة ومهمة ، منها أنَّ العراق لا يمكن للحكام الطارئين أن يفتتوا وحدته وأنَّ المذاهب ليست ميزاناً عادلاً في بناء أي وطن أو أي أمة والأزمات تلدُ المتميزين أو تفضح المتواطئين المتخاذلين مما يُسمى بالحكومات المحلية ومجالس المحافظات المعنية بالأمر وكلي يقين أنَّ ما يقومون به إرادةٌ أخرى وأوامر تصدر من جهات كانت السبب الأساس في حدوث وتراكم الأزمات وبناء مسلّة من الخراب في العراق .. عقل البصوان هذا أصبح قديماً ولا يمكن أن تتناقض إرادة مواطني الجنوب أو بغداد أو الفرات الأوسط مع تاريخنا الواحد وبلدنا الواحد .. وما تقوم به مجالس المحافظات أو الحكومات المحلية فيها سيكون وشماً سيئاً وعاراً أبدياً في جبين من حاول أو أشار أو نبه أو أنذر أو لمّح إلى التصدي لموجات النازحين من ( الأنبار) وسيُحاسب عليه من أبناء تلك المدن أولاً .. فكيفَ يمكن أن نقارن بين ترحيب دول عديدة ومنها دول في الجوار بالنازحين ( العراقيين ) ودول أوربية ودول آسيوية ودول أخرى .. بينما يُكثف ويزيد محافظو مدن ( عراقية ) من تواجد الشرطة والجنود على المنافذ التي تربط محافظاتهم مع ( الأنبار) للحد من دخول أطفالنا وشيوخنا ومرضانا مؤقتاً إلى مدن أبناء عمهم وليس إلى مدن يحكمها بصوانية لا يمتّون إلى هذا الوطن العظيم بصلة ..