17 نوفمبر، 2024 10:01 م
Search
Close this search box.

مجرد سؤال …

التظاهرات الشعبية التي تصرخ قهرها من داخل ساحات التحرير, محاصرة بالأهمال والأنهاك ثم الترغيب او اختراقها ممن يحاولون ركوب موجتها, الضغط الخارجي لا يشكل خطراً جدياً اذا كان المتظاهرون متماسكون حول مطاليبهم المشروعة, الخطر الأكثر خطورة يأتي من الحراك الأنتهازي الوصولي داخل صفوفها, الذين يغردون الآن من داخل صفوف المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد, قبلها غردوا تهريجاً استثنائياً من تحت اعلام حزب البعث والقاعدة والأقليم الكردي وصورة اوردوغان في ساحات اعتصامات دواعش البعث في الرمادي والفلوجة .
 
هل يعتقدون ان العراقيين اصبحوا قطيعاً يهرول خلف كل من يقدم له علف انتهازيته ووصوليته, وهل انحط قدر الناس, ان يصبح الناطق الرسمي بأسمهم واحد من ازلام وجبات الأرتزاق السريعة في مؤسسة المدى للمقاول فخري كريم زنگنه, متى سيتحرر صوت الشارع العراقي ليصبح جهورياً شجياً كصوت الفنان الكبير داخل حسن, لا تشوبه حشرجات صيادي الفرص الجاهزة .. ؟؟ .
 
في ساحة التحرير ببغداد, هتفوا وانشدوا اشياء تفضح فساد العملية السياسية ــ نتفق معهم ــ قالوا اشياء عن فساد كتل التحالف الوطني ــ نتفق معهم ايضاً ــ لكنهم ابتلعوا ثلاثة ارباع الحقائق, اصيبت مواهبهم الأنشادية بالأمساك عندما تعلق الأمر بتهريب نفط العراق عبر ميناء جيهان التركي حتى (الصديقة اسرائيل!!) والأستحواذ على موارد الدولة العراقية من حدودها الشمالية وخذلان العراق والمشاركة الفعلية في تسليم ثلث جغرافيته لدواعش البعث, مقابل الأستيلاء على (ما افترض) المتنازع عليها, واصيبوا بالأمساك ايضاً ازاء الأدوار الخيانية لكتل المادة (4) ارهاب من مدعي تمثيل المكون السني, وانطلقت اسهالاتهم بأتجاه واحد .
 
التاريخ يعيد نفسه, ذات القراد يصافح القراد على الصفة المقابلة للجرح العراقي, ذات الجسر الذي مر عليه قطار التآمر الأمريكي, تمر عليه الآن عربات الأنتهازيين والوصولين ذهاباً واياباً, يشتمون هذا ليمنحوا صك النزاهة والوطنية لذاك, نهج هابط انتهى بهم الى هاوية العزلة والتخبط, يحلمون بمكاسب طارئة على حساب الأهداف المشروعة لتظاهرات جياع الأمة ومعذبيها, عليهم ولو مرة, ان يتركوا للعراقيين حرية المبادرة واستقلالية الفعل الوطني ويغادروا ليواصلوا ثرثرتهم في زوايا مؤسسة المدى ويتركوا ساحة التحرير تتنفس من داخلها اوجاع اصحاب القضية ويكفوا ان يكونوا ثقباً في سفينة المشروع الوطني العراقي .
 
المتظاهرون يجمعهم اذلال العوز والتردي الصحي والتمزق الأجتماعي وتهريب خبزهم وانحلال دولتهم وفساد سلطتهم وتقاسم وطنهم, ثلث العملية السياسية ممثلة للجانب الشرقي من حدودها, ثلثها الغربي اصبح بضائع نافقة في مزادات الجوار, وثلث ثلثيها ملهاة يقضي فيها الزناة وطر التأهيل لأعادة اغتصاب الدولة العراقية, بغداد الأرملة يغلي بين اضلاعها قدر المشروع الأمريكي لوجبات الأنهاك والتقسيم, لم يبق امام العراقيين سوى قلب طاولة الواقع ورفع ثقل النوائب عن صدر العراق .
 
لم يتبق لنا سوى ان نتلفت الى الشارع العراقي لينهض والى المثقف الوطني ان يمسح ثقل النعاس عن بصيرته ورجل السياسة ان يكشف للعراقيين نظافة جيوبه وارصدته من السحت الحرام ورجل الدين ان يقول للناس ما يتعلق بحقائق دينهم ومدعي اليسار وديمقراطية التيار ان يجفف سواقي نهج انتهازيته ووصوليته ويخرج يده من جيب دبق المكرمات المذلة, ان نراوح بين الحق والباطل وبين الصواب والخطأ وبين الأنتماء والتبعية, فلن يتبق لنا دين ولا فضائل ولا هوية انتماء وطني, بعدها سيفلت من يدنا عصفور كلنا ومعه خيط جزءنا.

أحدث المقالات