أتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، المليشيات العراقية ارتكابها جرائم عنف وخرق لقوانين الحرب ابان احداث تكريت (مركز محافظة صلاح الدين) في نيسان 2015 .
واستعان التقرير بصور القمر الصناعي للتثبت من شهادات الشهود الذين أفادوا بالدمار اللاحق بالبيوت والمتاجر في تكريت، وفي بلدات البوعجيل والعلم والدور . موضحا بأن “كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق” المدعومتان من الحكومة العراقية وتشكل العمود الاساس لمقاتلي الحشد الشعبي اختطفت أكثر من 200 من الاهالي السنة بضمنهم أطفال بالقرب من قضاء الدور (جنوب مدينة تكريت) ، مع بقاء 160 مدنيا على الاقل مايزال مصائرهم مجهولة من بين المختطفين .
وتشكلت قوات الحشد الشعبي صيف 2015 عقب بروز تنظيم “الدولة الاسلامية” داعش وسيطرته على مدينة الموصل . وينتمي غالبية الحشد من المقاتلين الشيعة المتطوعين تلبية لدعوة المرجعية الدينية في مدينة النجف حيث انخرط الالاف بعد تلقيهم الدعم من قبل الحكومة العراقية والتي قامت بتجهيزهم بالمعدات العسكرية .
على الحكومة ضبط ومساءلة المليشيات المارقة
وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط جو ستورك: “على السلطات العراقية ضبط ومساءلة الميليشيات المارقة التي تدمر بيوت السنة ومتاجرهم بعد دحر داعش. الميليشيات المسيئة، وقادتها الذين يتمتعون بالإفلات من العقاب، تضعف الحملة ضد داعش وتعرّض المدنيين جميعاً لخطر أكبر”.
وبحسب المنظمة: “تعهد قادة للميليشيات الشيعية قبيل الحملة بالانتقام من مذبحة داعش في يونيو/حزيران 2014 التي اشتملت على مقتل ما لا يقل عن 770 شيعياً مسلحاً في معسكر سبايكر، على مقربة من تكريت. في مقاطع فيديو لهدم البيوت، يظهر مسلحو الميليشيات الشيعية وهم يشتمون السكان السنة ويرددون شعارات شيعية”.
تشكيلات الحشد لاتنسق مع الجيش
واضاف التقرير: “تتلقى الميليشيات رواتب وأسلحة حكومية، لكنها تصرف شؤونها بتنسيق غير محكم فيما بينها ومع الجيش العراقي وقوات الأمن الأخرى. في 7 أنيسان اعترفت الحكومة العراقية بقوات الحشد الشعبي كقوة أمن منفصلة تتبع رئيس الوزراء حيدر العبادي”.
وأكدت صور القمر الصناعي شهادات الشهود والتي أفادت بأن الدمار اللاحق بالمباني وقع بالأساس بعد دحر القوات الموالية للحكومة لـ داعش وبعد أن غادر الجيش العراقي المنطقة تاركاً إياها تحت سيطرة الميليشيات. كان الدمار الذي ألحقته الضربات الجوية التي نفذتها الحكومة وتحالف بقيادة أمريكية، وكذا الضربات المدفعية والدمار الذي ألحقته داعش – خلال حكمها لفترة 9 أشهر قبيل مارس/آذار – دماراً محدوداً.
واستدلت المنظمة في تقريرها: “عندما استعادت القوات العراقية والميليشيات الشيعية الدور، وهي بلدة يقطنها نحو 120 ألف نسمة على مسافة 20 كيلومتراً جنوب تكريت – ودون معركة كبرى، في 6 مارس/آذار – على حد قول السكان لـ هيومن رايتس ووتش. انسحب الجيش بعد يوم، تاركاً البلدة في يد الميليشيات. فر جميع السكان تقريباً أثناء سيطرة داعش أو قبل استعادة القوات الحكومية للبلدة بقليل. في 8 مارس/آذار بثت قناة الاتجاه مقاطع فيديو تظهر فيها كتائب حزب الله وهي تدخل البلدة وتفكك أجهزة متفجرة زرعتها عناصر داعش، ويظهر في مقاطع الفيديو أيضاً شارع الدور الرئيسي وميدان ومواقع أخرى تظهر سليمة إلى حد بعيد”.
إلا أنه لدى عودة الشرطة المحلية للخدمة في مطلع أبريل/نيسان قام رجال الشرطة بإعداد قائمة من أكثر من 600 منزل ومتجر محترق ومتفجر. تظهر صور القمر الصناعي الملتقطة في مايو/أيار مساحات كبيرة من مناطق الدور السكنية وقد دمرت تماماً. قال الشيخ مالك شهاب – رجل أعمال بارز وشقيق عمدة الدور – لـ هيومن رايتس ووتش إن عضواً في قوات الحشد الشعبي قال متباهياً: “احرقنا الدور ودمرناها لأن [أهلها] دواعش وبعثيون”.
صور وشهادات عن ممارسات عنف
وجمعت هيومن رايتس ووتش صوراً فوتوغرافية وشهادات شهود عن 28 بناية أحرقت أو انفجرت بعد استعادة ناحية العلم الواقعة 12 كيلومتراً شمال شرقي تكريت، ويقطنها نحو 60 ألف نسمة. بعض هذا الدمار يظهر في صور القمر الصناعي، التي تظهر 45 بناية دمرت في آذار ونيسان من بعد استعادة الميليشيات للعلم. ويتحمل مقاتلون سنة محليون ومتطوعون – كانوا يعارضون سيطرة داعش ويعملون تحت حماية ميليشيات شيعية – مسؤولية الدمار اللاحق بالعلم.
والتقت رايتس ووتش، رجل أعمال يدير متجراً كبيراً للأجهزة الإلكترونية والمنزلية يدعى محمد جاسم، والذي احرقت المليشيات متجره كما يظهر في احد مقاطع الفيديو قبل ان يتم سرقة محتوياته .
كما ورد في التقرير وبحسب شهود عيان إن الميليشيات الشيعية نفذت أيضاً عمليات قتل ميداني خارج نطاق القضاء في تكريت. قال رجل شرطة محلي إنه عندما تفقد منطقة في حي القادسية في مطلع أبريل/نيسان، رأى أكثر من عشرين مقاتلاً من داعش يسلمون أنفسهم لكتائب بدر، وهي ميليشيا شيعية أخرى، ومعها عناصر من عصائب أهل الحق، وذلك بعد أن نفدت منهم الذخيرة والطعام. قال الشرطي إنه رأى عناصر الميليشيات يعدمون بعض أسرى داعش في الشارع.
على ايران وامريكا تحمل مسؤولياتهما
وقالت هيومن رايتس ووتش إن “الولايات المتحدة وإيران بصفتهما أكبر الداعمين للجيش العراقي وقوات الأمن العراقية، عليهما إعلان رفض انتهاكات الميليشيات وأن يعلنا بوضوح مسؤولية الحكومة عن وقف هذه الانتهاكات ومحاسبة الجناة، بغض النظر عن الرتبة. على جميع البلدان التي توفر المساعدة العسكرية للعراق أن تعزز الرقابة على الوجهة النهائية للمعدات المُقدّمة. على هذه الدول أيضاَ ضمان أن الجهة المتلقية تحترم حقوق الإنسان. يتضمن ذلك نشر تقارير علنية عن التحقيقات في إساءة استخدام المساعدات والخطوات لتصحيح الخلل. ينبغي أن تدعم هذه الدول إنشاء أدوات لمراقبة الميليشيات والسيطرة عليها، بإشراف مدني، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب. إن أخفق العراق في ذلك خلال عام واحد، يجب إيقاف المساعدات بمقدار هذا الإخفاق. “
وقال جو ستورك: “يجب ألا ينظر إلى الانتقام والعقاب الجماعي كجزء من استراتيجية لهزيمة داعش. على العراق ضمان تحقق المساءلة الفردية على الجرائم، بغض النظر عما إذا كان مرتكبوها من المتطرفين السنة أو من عناصر الميليشيات الشيعة”.