18 نوفمبر، 2024 5:28 ص
Search
Close this search box.

العميد ماسوني، وليهنأ العراقيون

العميد ماسوني، وليهنأ العراقيون

من بين كل هذه الصيحات المتعالية التي تخرج من حناجر العراقيين، وأكثرها تبعث على اليأس ويحتار فيها المحللون كهذا المهرج الذي يحمل سخاناً قديماً، وذاك الشاب الذي ينادي بحرقة للإصلاح ويتوعد الخاسئين لولا أن تقف أمام عينيه عيون قيس الخزعلي، وهكذا تجري المسرحية كل يوم. من بين كل هذا تأتينا اليوم صرخة عالية شديدة البأس لسيدة في المعهد التقني بكربلاء توجهها إلى السيد الوزير، ولو صدقنا عشر ما قالته فهذا يكفي دليلاً على أن العراق الكبير ماض إلى مزابل التأريخ لا محالة. فهي تذكر مثلاً العصائب، لا العصابات، من البعثيين والوهابيين والماسونيين والصهاينة، ولا تذكر شيئاً عن الإمبرياليين الأمريكان، أما لأنهم موجودون بكثرة في بلدنا العزيز، أو لأن ما أتى بعدهم أشد ضرراً وكفرا. وتذكرهم بالأسماء والدرجة، فهذا هو العميد فلان، وصاحبه المدير القانوني، وضابط الأمن، والمدير الإداري، والمسجل العام، وحتى كلبهم الجالس في الوسيط. لاشك أنه لا يوجد إنسان ذو عقل يفتري على كل هؤلاء بالباطل، وهذا مستحيل. أما مسألة الصعود المفاجئ للسيد العميد فهذا أمر ليس ذي بال، فالكل اليوم يصعد فجاءة ويعلو حتى يقترن بالنجم، وهذا ليس دليلاً على ماسونية الرجل. أما سفره وسفر بطانته إلى بيروت وأربيل ولندن فمن الواضح أن هذا يأتي لطلب المشورة، والعراقيون اليوم يسافرون أبعد من لندن وواشنطون، ولكن بلا عودة، فقد أصبح البيت ومن فيه لطويرة التي طارت به طيرة واحدة. لا نتيجة للفساد في العراق الجريح، وهؤلاء يرقصون على جراحه. لا شرف، ولا سمعة، ولا قداسة فيه. ويحق لنا أن نتساءل مع السيدة أمل الموسوي في صرختها العالية على أبواب السيد الوزير: هل السيد الوزير نفسه بعثي، أو وهابي، أم صهيوني؟ هل من شرف، أو سمعة، أو قداسة في وزارة التعليم العالي العراقية؟ ولتذهب صرخة أمل الموسوي أدراج الرياح، لكن أرجو أن لا تستغربوا من أن الناس في أشد الأيام ظلمة وجوراً يقدمون دماءهم رخيصة على المذبح، لا جزاءً ولا شكورا، بل لأنها دماؤهم، والجود بها أقصى غاية الجود.

أحدث المقالات