24 ديسمبر، 2024 2:48 م

الدختور الملائكي وثقافة الفساد

الدختور الملائكي وثقافة الفساد

بين الفينة والأخرى  يفيق أحد الفلاسفة البهقاء من سبات في أعمق الأعماق داخل احد قماقم الخضراء ليؤسس لنا فعلا او مصطلحا او ثقافة مؤمنا انها للشعب وسيله للخلاص.
 وقد احتار الدجالون أين لشخصه واضعون وكيف هم لِلغطهِ مسكتون. فقالوا نضعه رئيسا علينا عله يرفع من شأننا ولا نكون من الخاسرين. فلم يلبث فتره الا وكانوا له سائمين.
فقالو نجعله اميرا خاصا علينا عله يكون لقومنا من المُنَظّرين. فجعلوه وكانوا من النادمين
ولعل اول نظرياته هي التباكي في المؤتمرات والاجتماعات. فأخذت دموعه تجري مدداعلى حال العراق كيف انه اصبح والى متى سيظل هكذا.
ثم أعقبها بتباكي وصياح في مؤتمر وثيقه الشرف والسلام واذرف الدموع مرة اخرى. ولم يكن لهذه الوثيقه الا ان تمزق قبل ان تقرأ.
فسالوا أنفسهم ان كان التباكي من أميرنا نحسٌ وقد يكون من عمل الشيطان.
ففكروا ان لاسبيل الا ان نبعده عنا. قالوا نجعله سفيرا لنا في العالم لعل مجنونا هنا او عبقريا هناك يأخذ منه علما او فكرا ونكون نحن في آمان.
نجحوا في ابعاده لا في إسكاته. وفي ثاني صولاته أسس مصطلحا لم نرى له مثيلا. شهونة الروح والعقل وليس شهونة الجسد وال….
قالوا دعوه تحتار الشعوب فيه أحسن من ان نكون نحن المحتارين.
وفي اعماق فلسفة القمقم وجد لنا ما كان ليس في خلدنا( ثقافة الفساد) وسيشرع في كتابه اصولها وعقائدها واحاديثا وصحيحها واسانيدها ليكون مرجعاً ويصبح له اتباع وانصار وربما مقام ومقرات.
ومن احاديثه الصحيحه (عند تحول الفساد الى ثقافة يجب محاربتها) وعند التفسير فلا يجب محاربة الفساد الا عند تحول الفساد الى ثقافة
والى هنا نحن ساكتون ومسالمون. وعند الرد نقول
ان الثقافة وعلى مر العصور كانت مثال النزاهه والخير والمعرفه والانفتاح ولم نسمع للثقافه مفردات.  الفن ثقافه ولايوجد مصطلح ثقافة الفن ولا ثقافه الأدب فلم يتجرأ أحدٌ وقرن الفساد بالثقافه.
وربما سيدعو دختورنا الى تاسيس رابطه المثقفون الفاسدون او كتلة الثقافة الفاسده. او فساد الفساد. ومااكثر ما يقال واصغر ما يعني.
وارتحل الدختور الى بلدان مختلفه وتعرف الى ثقافات مختلفه ولم نشاهده في ملتقى ثقافي عراقي وهذا يدل انه ليس ضليعا بالثقافه العراقيه او انه يعتبرها دون المستوى المطلوب لما قدمه هو من فكر وجهد في انشاء الفلسفه الجهاديه التي يعتقد انها انقذت الشعب العراقي من ثقافاته البائدة.
ونسي الدختور ان هناك عادات شعبيه متأصلة في داخل النفس البشرية وخاصةً بالنسبه للشعب العراقي. وربما هي في مفهومه قد تحولت الان ايضا الى ثقافه.
ومن هذه الثقافات المتحولة هي ثقافه السب والشتم والتي تعودنا عليها لسنين طوال عند الذهاب الى السوق او التجوال في الشارع. اما الان فالعجيب انها تحولت الى ثقافه اعلاميه يوميه وخاصة في المقابلات التي تنفذها بعض القنوات للسؤال عن الخدمات او مراجعة الدوائر حيث بدأ الناس يشتمون ويسبون فقط لأفراغ هذه الثقافه بعد ان امتلأت قلوبهم غيظا وحقدا على المسؤول وفي اي منصب كان وبدون محاصصه فالكل مشمول وأخذت هذه الثقافه تتصاعد يوماً بعد الاخر وقد ابدع الناس وبشكل منسجم مع المرحلة ومع السياسي فلكل منهم نوع مميز من انواع السب والشتم وهتافات لم نشهد لها من مثيل.
وربما وصلت هذه الثقافه الى مستوى قياسي في احد المقابلات الصباحية التي تجريها قناة البغداديه صباحاً وكانت الحلقه في سيد سلطان علي حين تحدث احد كبار السن عن مشكله له مع مراجعات الدوائر وقال ان الحكومه بالأساس فاشله وعندما عقب المراسل بأنها حكومه ملائكيه لم يستطيع الرجل المتحدث ان يمسك نفسه واطلقها بكل وضوح ( حيث شبه الحكومه بال.. عليكم مراجعة الحلقه يوم ١٣ الأحد على ما اعتقد)
ولم يقتصر الامر على ذلك. الأفضل ان تتابعوا الحلقه وكان ذكاءً من المقدم حين قال له لا لا تسب ولكن بعد السب.
في نهايه النهايه وليس بداية البدايه نسترجع الذاكره قليلا فقد أسس العراقيون  ثقافة متميزة وحصريه وشهدنا وقائع لها الا وهي ثقافة السحل وكتعريف بسيط لها ان يُربط المسحوول او المسؤول ويجروه في الشوارع وقد أضافوا اليها بعض المبدعين أضافه اخرى حيث يقوم الجمهور بضرب المسحول بالنعل ولعل البعض اطلق عليها ثقافة     ( السحل بالنعل) 
والآن هناك صيحات واسعه مدعومة بالإعلام بأعادة احياء تلك الثقافه بعد عقود من الزمن.
ويبدو ان القليل من الشارع قد عرفوا فعلا تلك الثقافه اما القسم الأعظم من الشعب ليس لديهم اي ممارسه فعليه لهذه الثقافه المميزة فعلا. وهذا بحد ذاته تحد خطير وعلى الارجح فسوف لن يميزوا هؤلاء بين الفاسد المثقف والفاسد غير المثقف والاخطر من ذلك قد يصبح كل مسؤول مسحول ومنعول.