يعرف عن العلماء التاسيسيين الشيعة الحكمة والورع ولالف عام قادوا رعيتهم عبر اليات السلام وظل التشيع ابيض الصفحة من المذابح التي تسببها المحاولات المتكررة لتحويل الاسلام من دين الفرد ودين العايلة الى دين الدولة او دولة الدين وحتى عندما يختطف مغامرون حزبيون المذهب يظل العلماء التاسيسيون يعملون بصبر وجد لاسترداد رعيتهم.
يقسم العلماء التاسيسيون الى قسمين القائمون والقاعدون وهذا التعريف يستند الى الحديث المنسوب للنبي محمد الحسن والحسين امامان قاما و قعدا والقيام والقعود هو الحرب والسلام اما التقسيم الاخر فهو علماء عاملون وعلماء مجددود والتجديد يعني قيادة التحولات المفصلية عند استيعاب مستجدات العصر في احوال المذهب.
يكون العلماء التاسيسيون غالبا من الهاشميين سلالة النبي محمد من السيدة فاطمة الزهراء او مايسمون السادة وعواصم التشيع انتقلت بين بغداد وسامراء والحلة وخراسان وجبل عامل واصفهان وصعدة ويثرب
وكربلاء لتستقر الان في النجف وقم.
الدرس المستفاد ان الذي لن يرضى عنه العلماء التاسيسيون او المراجع ليس له اي امل في البقاء، ان هناك من يملك ملايين الدولارات وهناك من يملك ملايين الاونصات من الذهب وثم من يملك ملايين الاطيان اما السيد فهو يملك ملايين الناس الذين بامكانه تحريكهم بين طرفي الحياة والموت بكلمة تسمى الفتيا.
خلافا لتقاليد القيادة فان علماء الشيعة التاسيسيين لايذهبون الى الجماهير بل هي التي تاتي اليهم وهنا يتضح المعنى الحقيقي لكلمة مراجع وايضا تتضح الصورة الاختيارية في العقد بين الطرفين لكن
في الحالات الكبرى المتعلقة بمسار الاسلام ومسار المذهب ومايسمى بيضة الاسلام اي الحدود الدينية التي ترسخت عبر القرون يكون الرعاة امام القطيع وهكذا توجد قايمة طويلة من العلماء
الذين قضوا في سبيل واجبهم الديني.
تتعارض الديموقراطية مع الاحكام الثابتة للاسلام لذلك لانجد بلدا مسلما ياخذ بهذا النوع من الحكم حتى تركيا الدولة الوحيدة التي جربت الديموقراطية تتراجع عنها وقد حدث في العراق ان تم تجريب الديموقراطية مجددا بعد المرة الاولى التي امتدت من عام ١٩٢١ الى عام ١٩٥٨ ويمكن القول بلا تردد ان ديموقراطية عام ٢٠٠٤ قد ماتت لاسباب متداخلة ومعقدة منها انها مستوردة على عجل وبدون اي اعتبار لظروف العراق بالاخص طبيعة الفرد التي تحتاج الى مركزية شديدة لحمله على القبول بعقد الدولة ومستجدات الحضارة فاذا وجد ضعفا في
الدولة القمعية انقلب ليفتك بها.
كان مراجع النجف شديدي الذكاء والفطنة وتدخلوا لبناء الدولة بعد انهيارها في ذلك العام دون ان يتدخلوا في الحكم وكان بامكانهم وقتها اعلان العراق دولة دينية وطرح انفسهم قادة سياسيين
لكن رسالتهم الدينية تجعلهم يترفعون عن الانغماس في الحكم.
احمق من لايستوعب الدرس فالذي لن يرضى عنه ايات الله في النجف لامكان له في كرسي الحكم مهما كانت قوتك قوة حزبك قوة جماعتك مهما كانت فكرتك ومخططك والياتك لايمكنك في النهاية الفوز اذا كنت في تحدي مع السيد الذي يملك ملايين الناس بكل وقت وباي ظرف وعلى اية حال.
لزمن طويل فقدت بغداد رشدها مقابل حكمة النجف واعتقد السياسيون المغامرون انهم تمكنوا من كل شيء الناس والمال والسلطة والقوة ولزمن طويل ارسلت النجف اشارات عن عدم رضاها بما يجري فالمعادلة هنا مفادها اذا كانت المرجعية قادرة على حماية اباطرة الخضراء من داعش لماذا تكون عاجزة عن حماية الناس من اباطرة الخضراء ؟
تعيد النجف الان صياغة الهوية العراقية ناقلة نوع الحكم من ديموقراطية مستوردة لم تترك سوءا الا وجلبته للعراق الى نوع اخر من الحكم هو ارشادية الفقيه.
لاحظ الجميع كيف ان بغداد هرعت الى النجف بقرار حظر المواقع الجنسية وكيف ان محافظ النجف شتم بنات بغداد واعتبرهن عاهرات مقابل بنات النجف وامور اخرى تصلح لخداع الاطفال لكن الدرس المستفاد الثاني هو انه لايمكن خداع العلماء التاسيسيين اذا تعلق الامر بمسار المذهب او الوضع العام للناس ومصير البلدان.
اعتقد ان المنطقة الخضراء تعيش نفس الظروف التي عاشها قصر سعد اباد وقصر نياوران في الايام الاخيرة لثورة الامام الخميني.
قضيت شهر اب الماضي مترددا بين تجريش وكهريزك حيث قصر الشاه وضريح الامام الخميني متاملا الاقدار ومتفكرا بالحوادث محاولا استخلاص التجارب. تجريش في شمال طهران وكهريزك جنوبها او بالتعبير الفارسي بالا شهر وبايين شهر اعلى المدينة واسفلها لكن الثورة قلبت كل شي فاصبح اسفل طهران بمستوى معيشة اعلاها يربطهما خط مترو اما انا فاتمدد تحت اشجار بهشت زهراء او اشجار دربند على بطانية عتيقة متاملا افواج العراقيين الذين يزورون ضريح الامام الخميني وبينهم كثيرا ممن كانوا ضده او الذين يصعدون للسياحة تتناثر من ايديهم الدولارات في مشهد يعكس حالة انعدام العدالة في العراق بما الزم السيد ان يكون قائما هذه المرة ومجددا.
مقولتي
العراق لايمكن حكمه ولا الحكم عليه حاول ان تستوعب الدرس واصغي الى مدافع ايات النجف فان لها دويا بصمت يدك اعتى الحصون.