18 نوفمبر، 2024 5:54 ص
Search
Close this search box.

مقتدى الصدر (1) ما وراء الانشقاقات..

مقتدى الصدر (1) ما وراء الانشقاقات..

الانشقاقات في التيار الصدر او عن الصدر، ظاهرة، تحتاج الى دراسة وتسليط ضوء على مقدماتها واسبابها ونتائجها، لان الصدر وتياره عامل مؤثر في المعادلة العراقية، فضلا عن امتيازه بالحراك التحرري والوطني والاصلاحي، الواضح، والاكيد.

…… ما قبــــــــل الأنشقاقـــــــــــــــــــــــــــــات:

يبدو ان الانشقاق الاول، حصل عام 1999، او بعده بقليل، أي بعد رحيل الصدر الوالد. وهو السيد محمد محمد صادق الصدر، الذي تصدى للعمل في الساحة العراقية في التسعينات، وبرز اسمه شعبيا عام 1991، قائدا للانتفاضة الشعبانية، ومعلنا للثورة على الحكم الديكتاتوي، عندما قرأ بيانا ثوريا، في ضريح الامام علي بن ابي طالب (ع)، وكان الصدر واقفا على سطح احدى الملحقات (كيشوانية) محرضا ضد صدام.

تعرض الصدر وابنائه الاربعة للاعتقال بعد القضاء على الانتفاضة –الشعبانية- وعودة السلطة الى مناطق الجنوب والوسط، وكان للامريكان دورا رئيسا في ضرب الانتفاضة وانهائها. وبعد اطلاق سراحه، استمر الصدر بالحراك المضاد للديكتاتور صدام، باساليب مبتكرة وفاعلة، اهمها مشاركة اهل السنة في اقامة صلاة الجمعة. وكانت الصلاة، هي اجتماع دوري، لتنظيم معارض ، يتلقى توجيهات اسبوعية من رئيسه، الذي اعلن (ولاية الامر) متحديا صدام وحزبه.

بعد أغتيال السيد محمد الصدر، من قبل صدام، اصدر اوامره بمنع صلاة الجمعة –الصدرية- واغلاق مكتب الشهيد الصدر، وفرض الديكتاتور الاقامة الجبرية او الرقابة على طلبة الشهيد، وخطباء الجمعة، فضلا عن مقتدى الصدر. الان ان نشاطا سريا ضد السلطة وحزبها، بقي مستمرا، وقد تضمن العمل الصدري السري عمليات اغتيال وتهديد لرموز الحزب والحكم.

اصدر صدام، احكاما بالاعدام اوالسجن ضد اغلب رجالات الصدر، مما حجم النشاط الصدري، واضعفه تدريجيا، فضلا عن مشاركة الحوزة النجفية في التضييق على الصدريين، حينها، لاسباب قد تتعلق بالخوف من السلطة، او استجابة لطلبات الحكم الديكتاتوري. الا ان هذا الضعف، طمئن السلطة، وبدأت تغض النظر تدريجيا عن مكتب الشهيد الصدر المركزي، في النجف الاشرف، بجوار مرقد الامام علي (ع). وصارت الفرصة ممكنة لمعاودة نشاط المكتب في مجال الفتوى ، والدرس الحوزوي، ليس الا.

…… بدايـــــــــــــــــــة الأنشقاقـــــــــــــــــــــــــــــات:

يبدو ان السيد مقتدى الصدر، اجتمع مع طلبة البحث الخارج (مرحلة دراسية دينية عليا) .. وحصل اتفاق على لملمة اتباع ومريدي الصدر، والمحافظة على العنوان الصدري. وكانت المشكلة الاساس، هي الشرعية الدينية للمكتب، والتي انتهت برحيل المرجع الصدر. وكان المفترض، بناءا على العرف الحوزوي، ان يغلق مكتب المرجع بعد وفاته، الا ان تخويلا شرعيا من السيد كاظم الحائري، قد منح الشرعية، لاستمرار المكتب وعمله، باعتباره تابعا للمرجعية الحائرية.

ومن الناحية العملية، تولى الشيخ اليعقوبي محور الافتاء، ومكنه ذلك من الحضور في الواجهة، بينما ارتبط العمل السري والباطني مع القواعد الشعبية بالسيد مقتدى الصدر. ويبدو ان الشيخ اليعقوبي، قد خطط جيدا لاعلان مرجعيته، لتكون بديلا عن الحائري، ويمكنه ذلك من وراثة القواعد الشعبية الصدرية، الا ان الصدر، رفض ذلك، واصر على بقاء الارتباط مع الحائري، عملا بوصية والده (الشهيد).. والذي أوصى للسيد كاظم، في لقاء فيديوي، سري، سجله عام ، 1997، وتم توزيعه لاحقا، واصبح مشهورا بعنوان لقاء الحنانة.

وقد اعلن الشهيد الصدر في هذا اللقاء اعلمية السيد كاظم الحائري بعده. الا ان الشهيد اشار الى ان الحائري، سوف لن يتمكن من الرجوع الى العراق. وقد اصبحت هذه النقطة محل (خلاف) بين الصدر واليعقوبي، انشق بعدها الاخير عن المكتب، معلنا استقلاليته، واجتهاده.

…… أنشـــــقاق اليعقــــــــوبي والطـــــــــــائي:

اليعقوبي من اشهر طلبة الشهيد الصدر، وبرز اسمه بعد اغتيال استاذه، ووصلت مؤلفاته الى بغداد، أهمها شكوى القران وشكوى المسجد، وغيرها. وقد سافرت الى النجف الاشرف، خصيصا، لأتعرف اليه عن قرب. التقيت الشيخ في مسجد الراس. كان هادئا ، متواضعا، بيده حقيبة من السعف (علاكة خوص).. وكنت معجبا بمؤلفاته، فسألته عنها، الا انني فوجئت، بمسارعته بالبراءة من تلك المؤلفات، ونسبها الى احد طلابه، واعلن تحفظه على تلك الكتب والكراسات.

اليعقوبي والطائي زميلا دراسة جامعية، وقد تزوجا من اسرة واحدة، وبينهما علاقة صداقة، انفضت لاحقا بسبب خلاف بينهما حول السيطرة على جامع الرحمن في بغداد. وكلا الشيخان، وجد نفسه مؤهلا للاجتهاد، ويطمع بوراثة مقلدي الشهيد الصدر، لولا مقتدى الصدر الذي وقف ضد احلامهما، معلنا بصراحة، عدم اجتهاد الشيخين، مصرا على بقاء المكتب (قائدا) لمقلدي وطلبة وخطباء والده الصدر، دون التبعية الى مجتهد، الا بمقدار الضرورة القصوى.

يسكن الشيخ الطائي، في حي العامل، في بغداد، قريبا من مسكني، وكنت التقي به، واتواصل معه، وادفع له الحقوق الشرعية، واعتز بصداقته. وقد كلفني – بعد اغتيال الصدر- باعداد تصاميم لكاتم صوت، لاستخدامه في عمليات ضد قيادات السلطة، كما يبدو. فقد كان الطائي فاعلا في جانب الكرخ، وله مجموعة خاصة، في منطقة حي العامل.

وللطائي دور في التحشيد الشعبي نحو مرجعية السيد محمد الصدر، فضلا عن قيامه بمسؤولية (الاستفتاءات) في براني الصدر (المكتب) اثناء حياته. والشيخ قاسم الطائي، احرز مرتبة علمية معتد بها، وقد درس الحلقة الثالثة في الاصول، ثم قام بتدريسها، وهي من دلالات المستوى العلمي العالي.

بعد عام 2003، كثفت جهودي للبحث والاستقصاء حول الخلافات بين الصدر والشيخين (اليعقوبي والطائي)، وحقيقة موضوع الاجتهاد.

من هو أعلم طلبة البحث الخارج..؟ سؤال وجهته لأكثر من مختص وطالب علم صدري. واكتشفت ان الاعلمية داخل الخط الصدري، وضمن دائرة طلبة البحث الخارج، تتجه الى شيخ هاديء، ذو مسحة عرفانية، وطني باخلاص، مقاوم للاحتلال، كاتب ومؤرخ ونحوي فذ، باحث واستاذ جامعي، يعمل تحت عنوان المكتب الصدري، ملتزما بتوجيهات السيد مقتدى الصدر، أنه العلامة الشيخ علي سميسم، ليس الا.

وللحديث بقية..يتبع.

أحدث المقالات