يغيب عن مخلية الكثير من الناس تحديد المفاهيم سواء كانت لغة او اصطلاحا لذلك يحصل اللبس والتشويش والتداخل ومن ثم ضياع الحقيقة والهدف….وهذا ما نراه اليوم بعدم التميز بين الاصلاح والاجراء بشان الوضع العراقي فالاصلاح نقيض الخلل ويعني التغيير أو التعديل نحو الأحسن لوضع سيىء أو غير طبيعي … لناخذ هذا المفهوم ونرى مدى بيان تطبيقة اصطلاحا او مصداقا على ما يجري في العراق , فهل ما حصل على مدى شهرين من حزمة اصلاحات كما سميت تنطبق مع هذا المفهوم؟ …بالتكيد الجواب لا , فالتغير يجب ان يكون بحكومة جديدة وزراءها من التكنوقراط بعيدا عن المحاصصة الحزبية والطائفية …في حين الذي حصل هو حذف مناصب نواب رئيس الجمهورية والتي ستكون موضوع اخذ ورد في مجلس النواب لاسيما رئيس الجمهورية لازال متمسكا بها ويرفض التنازل عنها …. والاصلاحات يجب ان تتمثل بالدعوة المبكرة الى انتخابات برلمانية وبالية لا تعتمد على الكتل والاحزاب السياسية وهذا الاجراء لازال السيد رئيس الوزراء بعيدا عن تفكيره وليس من اولوياته كما قال … الاصلاحات يجب ان تشمل الاحزاب والكتل السياسية التي وظفت الشعب الى مكونات طائفية وروجت لاحزاب سياسية همها المكاسب والمناصب فتصدى بها الانتهازيون والنفعيون …الاصلاح يجب ان يتضمن اصلاحات في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وهذان الموضوعان بقي ساكنان , فالعراق اقتصاده احادي ويعتمد على النفط ولازال القطاع الزراعي لا يساهم في الناتج المحلي الاجمالي الا بنسبة لا تزيد عن 9% رغم توفر الاراضي الزراعية الواسعة وامكانية اقامة مشاريع الثروة الحيوانية , نعم حصل توجه بمنح المزراعين القروض المالية التي لم تعكس اثرا ملموسا على واقع المستهلك على ما اتذكر جيدا عام 2008 كان سعر طبقة البيض العراقي 5000 دينار وسعر لحم العجل 9000 دينار | كغم واليوم سعر طبقة البيض وصل الى 7000 وسعر كيلو لحم العجل الى 11000 دينار فاين اثر المبادرة الزراعية والترليونات من الدناير العراقية التي انفقت عليها ؟ ولازلنا نستورد الطماطة والخيار والبطاطا والفواكه من ايران والاردن ولبنان , اما في القطاع الصناعي فهناك الالاف من موظفي شركات التمويل الذاتي سرحوا من العمل واغلقت مصانعهم والتي بالامكان تشغيلها فمثلا معمل نشا الهاشمية لماذا اوقف انتاجة رغم مادته الاساسية هي الذرة الصفراء والحلة والكوت من المناطق الزراعية المشهورة بزراعة هذا المحصول ؟ لماذا نستورد هذه السلعة القادرين على تصنيعها ؟ لماذا لا نطور معمل الصناعات الجلدية والمادة الاولية متوفرة لها في العراق بكثرة ؟ ولماذا نستورد الحقائب والاحذية والاحذية والقماصل من تركيا بالعملة الصعبة ؟ وهناك معمل اخرى على نفس الشاكلة توجد امكانية لتشغيلها لكن لا احد يفعل ذلك , اما الوضع الاجتماعي في العراق فهو ماساوي فهناك نسبة كبيرة من النساء العوانس يقابلها اعداد من الرجال الحصور لم تتح لهم فرص الزواج لاسباب اقتصادية لارتفاع المهور وازمة السكن وعدم توفر فرص العمل , في العراق اربعة ملايين ارملة من جراء الحروب والعمليات الارهابية لم احد ينظر الى هذه المشكلة المتفاقمة لا من رجال سياسية ولارجال الدين … الاصلاح سواء كان سياسيا او اقتصاديا او اجتماعيا يجب ان يكون الاساس القائم فيه هو العدالة والمساواة بين المواطنين على اساس عنوان الهوية العراقية في حين ما يجري اليوم تعتمد التصنيفات الطائفية والانتماءات الحزبية او الرشوة في المفاضلة لا شغال اي وظيفة حكومية في الدولة وهذا هو احد الاسباب الرئيسية التي جعلت مئات الالاف من الشباب العراقي ان يهاجروا هجرة جماعية الى دول اوربا لانهم وصلوا الى حالة الياس والقنوط وفقدان الامل وانتظروا عشر سنوات ليروا التغير المنشود ولكن كان الوضع يزداد سوءا سنة بعد اخرى وبعد كل دورة انتخابية … ان ما قامت به الحكومة من الغاء ودمج الوزارات والاستغناء عن خدمات اصحاب مراكز قيادة في الدولة كما حصل بدمج وزارة العلوم والتكنلوجيا مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والغاء وزارة المراة والاستغناء عن خدمات 123 مديرا عاما وغيرها كان اجراءا اداريا وليس اصلاحا شموليا وحتى هذا الاجراء رافقته مشاكل ومعوقات فمثلا رغم ان الوضع الاقتصادي يتطلب ضغط النفقات فان دمج العلوم والتكنلوجيا مع التعليم العالي تطلب منح موظفي الوزارة المضافة مخصصات جامعة مقدارها 100% كما ان الاستغناء عن خدمات المدراء العامين لم تحدد الاسس والاسباب فهل هم متهمون بالفساد ؟ ام انهم وصلوا الى السن القانوية للتقاعد ؟ وبالاساس لا تعرف اسماءهم ولم تعلن لحد الان .
وعليه فان كل الذي حصل بما يدعى انها حزمة من الاصلاحات فهي في حقيقتها لا تمثل الا نوعا من الاجراءات الادارية وفق مفهوم الاجراء الذي يعني تصحيح خطاء أو تصويب اعوجاج .
اخيرا نقول اذا كان هناك اصلاحاحقيقيا في العراق فلماذا لا تقدم الرؤوس الكبيرة المتهمة بالفساد الى القضاء العراقي ؟ والتي هي معروفة للعراقيين جميعا ولماذا الادعاء العام والنزاهة ووزارة الخارجية والداخلية في استحياء للقيام بواجبها اتجاه هؤلاء السراق رغم دعوة المرجعية الدينية في خطبة الجمعة لمرتين متتاليتين ومطالبات التظاهرات في بغداد وثمان محافظات بذلك وبالالحاح .