27 ديسمبر، 2024 6:45 ص

كيف نفهم الحسين بين …ثنائية الحق والباطل؟

كيف نفهم الحسين بين …ثنائية الحق والباطل؟

العجز عن التعبير أبلغ من كل تعبير,كيف نفهم الحسين وهو الثائر على ظلم وظالم زمانه ؟عندما سكتت رجالات الأمة وقبلت بطاغوت عصرها ؟حاكماً مستبداً يتحكم برقابهم ويضع مقدراتهم تحت أقدامه ,كان ولا يزال وسيبقى الحسين فكراً متجدداً ومنهج للإصلاح ولإصلاح النفوس التي ارتضت لنفسها العبودية والعيش بذلة الخضوع والخنوع ,مشروع خالد للتحرير,أراد به أن يحرر الإنسان من رق الإنسان ,قدم للموت الجائع طعاماً ….طعاماً من جسده وجسد وأولاده وأنصاره ,الذين امتدحهم وأثنى عليهم في ليلة العاشر بقوله لهم : لم أرى ابر من أهل بيتي ولا أصحاب أوفى من أصحابي,الوفاء قيمتهم ومعيارهم معه في محنة حقه ,الحسين …يقودنا أسمه وعنوانه ونهضته لمشروع السماء الذي حمله الرسول وهو يريد أن يحقق العدالة من خلاله في وسط أمة تخبطت بين ظلمات وبراثين الجاهلية ,هو نفسه التأريخ يعيد نفسه مع الحسين في طف كربلاء بين معسكرين ..معسكر جسد شرعية الحق والثبات على المبادئ يحمل معاني الفضيلة والعزة والشموخ ,ومعسكر باع نفسه للدنيا ومغرياتها لأهواء الرذيلة وأرتضى أن يكون رمح الشيطان بإرضاء المخلوق الفاسد وفضل رضاه الزائل على حساب الخالق الباقي ,ساوموه على ثوابته وعقيدته وخاطبهم بقوله :أني لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما ,1400عام وهو ينمو في كل يوم وفي كل ساعة ودقيقة وثانية بقلوب الأحرار الثائرين على واقع مرير أياً كان وباختلاف هوياتهم وعناوينهم جمعهم بك مشترك الحرية والاستقلال والرفض لمن يريد مصادرة حقهم …حقهم في العيش بكرامة ,ليهنؤوا بحياة تسودها الطمأنينة والاستقرار ليس ألا,وهو ينشد شعارات ترجمها لفعل ملموس في منازلته بقوله :موت في عز خير من حياة في ذل ,ليصبح كل شعار منها منهج يستلهم منه الإيثار,وأنشودة يتغنى بها الأجيال ,فقد وجدناك في منهج الثائر جيفار القائل بحقك :على جميع الثوار في العالم الاقتداء بتلك الثورة العارمة التي قادها الزعيم الصلب الحسين العظيم والسير على نهجها لدحر زعماء الشر والإطاحة برؤوسهم العفنة ,ووجدناك في سلوك وجدان السيخي الزعيم المهاتما غاندي وهو ينتزع حرية أمته من الإمبراطورية الانكليزية ويقول:تعلمنا من الحسين كيف نكون مظلومين حتى نحقق النصر,هو لا يقصد المظلومية أن يتنازل المرء عن حقوقه ويرضى بالعبودية ويعلن الاستسلام ,بل يضحي ويستمر في العطاء حتى ينال مبتغاه وهدفه ,أي فكرُ أنت يا أبا الأحرار لتتجذر في نفوس
من يبحثون عن الحقيقة في ذاتها ,حقيقة رفضت المهادنة والمساومة مع باطل واضح كوضوح الشمس وقلت له بملء الفم بدون خوف ولا وجل :مثلي لا يبايع مثلك ,لم تتخذ الحياد وتصعد على التل ,كان بوسعك أن تصغي وتوافق وتعطيه البيعة … وتجنب اهلك وأطفالك من تلك المجزرة التي أصبحت ندبة سوداء في صميم الإنسانية ,مأساة أمة لم تحفظ عهد ووفاء أسرة رسولها وهو يوصيهم بهم خيرا من بعد رحيله ,يا أبا ألطف كنت ترى وتشاهد فلذات أكبادك يأخذهم الموت واحداً تلو الآخر,وتنظر بتأمل ,ماذا سيحل بحرائر نسائك مع أقوام مسخ لم يراعوا حرمة لا لشيبة ولا لرضيع ؟,لم ولن تفعل فهذا محال فأنت أبن من قال فزت ورب الكعبة ,فاز بآخرته مطلقاً الدنيا ,وقلتها وأنت في ساحة الوغى تلفظ أنفاسك الأخيرة صريع على التراب :الهي تركت الخلق طرا في هواك و أيتمت العيال لكي أراك ,فلو قطعتني في الحب إربا لما مال الفؤاد إلى سواك ,أيها الألق الوهاج كنت أنيس جواهر لال نهرو في سجنه المظلم وهو يذكر في مذكراته,عندما سجنني البريطانيون في زنزانة انفرادية كان الحسين يؤنسني في السجن تعلمته منه الصبر والمواساة والثبات على المبدأ,يا أبا الضيم شوهوا التاريخ واختلطت الأوراق ليوهموا العالم أنها معركة من أجل السلطة والحكم الزائل ,والحسين بغى على أمام زمانه …قاتل النفس المحرمة ,لم يفلحوا الطغاة والمستبدين وباتت كل محاولاتهم بالفشل بأن يزوروا الحقائق كنت لهم بالمرصاد أينما حلوا في كل زمان ومكان فيدك الحمراء من وراء ضريحك كانت تؤرق حياتهم ومضاجعهم ,حتى رضيعك شاركك القتال ,وقتل وظل شاهداً يذكرنا أنهم وحوش متجردين من كل القيم الإنسانية ,كنت الضمير الواعي لكل المعتنقين لخطك وطريقك ,وآسفاه سيدي على عاقبة من قاتلوك لقد خاطبتهم خطاب العقل وذكرتهم كيف كانوا عبيد لا عزة لهم ولا كرامة حررهم جدك وصنع منهم أسياد القوم ؟ وقلت لهم :كونوا أحراراً في دنياكم ,لم يصغوا ختم الشيطان على أسماعهم وأبصارهم ,الا أنها حسن العاقبة ,فالجنة لا تضم قاتل ومقتول ظالم ومظلوم حق وباطل في آن واحد ,بل هي دار طاهرة للمتقين والمصلحين وليس مكان للقتلة ليدنسوها جراء سلوكياتهم المنحرفة .