لم يمر على العراق من قبل ظرف اسوء مما هو فيه على الاطلاق ..واذا اردت شواهد وادلة فتحدث عن الازمة المالية والاقتصادية الخانقة .. وضياع واحتلال اكثر من ثلث البلاد بيد الارهابيين والقتلة المجرمين من الدواعش واذنابهم .. ومواكب الشهداء الابرياء من منتسبي الجيش والحشد الشعبي والمواطنين .. وحال الخدمات المزرية التي تعيشها كل مدن العراق دون استثناء .. اضافة الى الفقد الدائم ومنذ اكثر من عقد مضى للامن والامان الجمعي والشخصي .. وقد ادى كل ذلك الى هياج وحراك شعبي مازلت ارى واصر على انه ليس بمستوى الماساة التي نعيشها .. وما زلت اصر على ان كل الاجراءات التي صدرت عن رئيس الوزراء والكابينتين التشريعية والتنفيذية هي فعلا فقاعات واحتواءات عقيمة واجراءات خجولة همّها الاول هو احتواء نقمة الشارع وقضم المزيد من الوقت والتعويل على احتمالية تغير الجو وانكسارموجة درجات الحرارة ليزداد التجهيز اليومي للكهرباء ..ويعود المتظاهرون الى بيوتهم ؛ ويادار ..ما دخلك قاسم الفهداوي .!
وبكل الصراحة والالم ارى ان الاجراءات الحكومية لحد الان لم ترتق الى وجع الناس وهمومهم ولا الى ابسط امالهم .. وان كل الذي يجري الان هو مزيد من حقن التخدير ؛ لان جذر المشكلة لازال سليما ؛ ولم يُمس جوهر المشكلة وهو الفساد بكل صنوفه ومسمياته .. لذلك فان على القائمين على امر البلاد من ساسة وبرلمان ومسؤولين ومرجعية ان يتوقعوا بركانا من الغضب القادم لا سيما وان اسعار النفط في انحدار دائم .. ونزيف الارواح والدم والعقول والبشر كالشلالات .. وفقد الناس الامل بتحرير اراضيهم المحتلة على المدى المتوسط على الاقل .
ولكن ماهو العمل الان .. وبعد هذا الياس المطبق .. والشعور بالاحباط وفقدان الامل ؟ واجيب بصراحتي المعهودة واقول : لم يعد الشعب يتمسك ( ولو بصورة متفاوتة ) الا بانتمائه الديني ومرجعياته الروحية .. بعد ان اضمحل شعور المواطنة وتدهورت صورة الدولة وهيبتها ومسؤولياتها تجاه الشعب .. وفي سلسلة مقالات قادمة باذن الله سنحاول ان نضع الاصبح على الجرح علّنا نسهم في ايقاف الانحدار نحو الهاوية .. وعلّ احد اصحاب القرار يقرا مانكتب ؛ او ان يصل صوتنا الى المرجعيات كافة .
وسابدا اليوم من موضوع الحج .. والكل يعلم ان حصة العراق الرسمية من عدد الحجاج هذا العام لا تقلّ عن الخمسة والعشرين الفا .. فلو ان كل حاج صرف عشرة الاف دولار على رحلة الحج فذلك يعني ان ما انفقناه حتى الان هو ربع مليار دولار وهو مبلغ كبير جدا لبلد يعاني من الخواء النقدي والخراب الاقتصادي ؛ واتسائل هنا : ماذا كان سيحدث لو ان الحكومة والمرجعيات الدينية دعت او افتت بتاجيل حج هذا العام ؟ ولنا في رسول الله ( صلى الله عليه واله ) وسلم القدوة ..حيث انه ( ص ) لم يحج الا مرة واحدة ولنفس الظروف والاسباب التي يعيشها العراق .. واهمها الامن والوضع الاقتصادي والاجتماعي ..ثم ان هذه الاموال تدفع الى السلطات السعودية التي هي ليست بحاجة الى اموالنا الا بطرا ..!! ولو قال قائل ان هذا الكلام متاخر كثيرا فانني اناشد المرجعيات لحسم موضوع اخر وعلى صلة بموضوع الحج وذلك باصدار فتوى تاجبل ذبح الاضاحي هذا العام الى عام يسرٍ قادم .. وانا اعلم مقدار كرم العراقيين واحيانا تبذيرهم وتندرهم على هذه الامور وسخريتهم منها .. ومع اقرارنا ان في كل بيتٍ عراقي شهيد او متوفى ؛ فان ذلك يعني ان اكثر من سبعة ملايين عائلة عراقية ستذبح اضحية واحدة على الاقل ؛ ولو افترضنا ان سعر الاضحية الواحدة نصف مليون دينار عراقي فان المبلغ سيصل الى ثلاثة ترليونات وخمسمائة مليار دينار عراقي !! ويمكن ارسال هذا المبلغ او جزء منه الى الفقراء والمعوزين والمحتاجين والارامل والايتام والمهجرين والنازحين في العراء والخيام وما اكثرهم ؛ او لصرفه رواتب لمقاتلي الحشد الشعبي والمتطوعين ؛ او شراء السلاح لديمومة المعارك ضد خوارج العصر من الدواعش والارهابيين ..
هذا ليس كلام بطرانين .. بل انها افكار حقيقية وحلول عملية قد تسهم في اخماد الحرائق وايقاف الانهيار واعادة الامل ..فهل من يسمعنا ؟
[email protected]