يواجه البشر اليوم، جملة من الكوارث البيئية والإنسانية، بل وحتى العقلية، في بناء منظومة مجتمعاتنا، التي من المفترض أنها تبنى بأفضل ما يكون، لأننا نتمتع بالعقل الذي يميزنا عن باقي الكائنات، وفي هذا السياق تظهر المجتمعات الغربية، بأحسن وأروع نظام، لأنها تفكر كثيراً في كيفية خدمة شعوبها، أكثر مما تأكل وتسرق، مستغلة كرسي الرئاسة، أما في أستراليا فهناك أمر يكاد لا يصدق، إنها الجزيرة البطريقية!
جزيرة ماكواري الأسترالية الساحرة، أو الجزيرة الخضراء كما يسميها الأجانب، يحكمها أربع ملايين من البطاريق، وهم قمة في النظام، والدقة، والتنظيم، والجمال في تسيير أمورهم، وقد أعلنتها منظمة اليونسكو، لحفظ التراث الدولية، محمية طبيعية عام ( 1997)، ومنذ ذلك الوقت تعيش حياتها، بقيادة ( 850) الف زوج من البطاريق الملكية، وباتت منطقة عالمية يؤمها ملايين من السياح سنوياً، حقاً إنها تشبه المنطقة الخضراء في العراق!
الصراع التائه، والرغبة في معاقبة شعب مظلوم، تورط بإنتخاب مجموعة من السياسيين، وليس مجموعة من البطاريق، هو الذي أوصل بلدنا الى ما هو عليه، فميدان التنظيم السياسي مفقود تماماً في العراق، وإلا ما فائدة حزمة الإصلاحات الحكومية، المؤيدة من قبل المرجعية والشعب، وهي تقر قوانين خاصة بالحيوانات المهاجرة، تاركة مهمة الحفاظ على الأهوار، التي هي المكان الطبيعي، لهذه الطيور النادرة دون إهتمام يذكر، والجفاف يهددها!
الجزيرة الخضراء الأسترالية، المحكومة من البطاريق، تعيش حالة إنتعاش سياسي، فلم تشهد يوماً بأنها قامت بمظاهرات، رغم حشودها المليونية، وغريزتها الحيوانية، فهي مكتفية ذاتياً، ولم تواجه معوقات إقتصادية، بسبب ترؤس البطريق الملكي عليها، لأنه يستخدم ما أوتي من ذرات العقل البسيطة، في إدارة هذا الجيش البطريقي المنظم، وبشكل يذهل الزوار، أما ما تشهده المنطقة الخضراء في العراق الجديد، فهو الفوضى، والإرباك، وصناعة أكاذيب لا تصدق!
مقومات عملية الإصلاح الشاملة، تبدأ بتهذيب النفس أولاً، ثم بالتخطيط المنظم لإدارة الدولة، في ضوء مؤشرات واقعية صحيحة، تستهدف حل المشاكل، وتحت سقف الدستور، وعليه فلم نسمع في جزيرة البطاريق، بوجود دستور يسير أمورهم، ولم ولن يحتاجوا للإصلاحات، لأنهم عقلاء أكثر من ساستنا الفاسدين، والفاشلين، والسراق، واللصوص، فأصبحوا وكأنهم تجار الدم الدنيويين، الذين وضعتهم الشرطة الأسترالية في السجن، لمحاولاتهم سرقة البطاريق، لفروها الثمين، ودهنها الباهظ!
رسالة موجهة الى رئيس الوزراء، السيد حيدر العبادي: إن قرار فتح المنطقة الخضراء، المدججة بملايين من كاميرات المراقبة، مع آلاف الحمايات، وكل ذلك من أجل البرلمانيين، والمسؤولين الذين لا يعرفون معنى القيادة المنظمة، ولا يدركون مفهوم تطبيق القرار الرئاسي، لذا غادروا منطقتكم بألوانها الحمراء، والسوداء من سوء أفعالكم، ودعوها للبطاريق، فقد يسود النظام والهدوء، للعراق الجريح الصابر، الذي عانى ما عاناه، على يد صعاليك السياسة!