الفساد في العراق ليس كالفساد في غيره من دول العالم لا من حيث الاختصاص والفاعل والقياس والتوظيف والسبب والنوع ولا حتى من حيث الموقف منه…..فهو من اختصاص كبار اعضاء الكتل السياسية واحزابها المتنفذة التي اختزلت الشعب العراقي بالمكون الطائفي والمكوّن بالحزب السياسي والحزب بالمقربين واختارت من المقربين البطانة الفاسدة لذلك موقف هؤلاء اصبح لم يعد مخجلا فمن يمارس الفساد لا يشعر بتانيب الضمير او الخجل والحياء لانهم وظفوا السلطة لنشر الفساد ووظفوا الفساد لبلوغ السلطة ولهذا كان الفساد على راس الاسباب الى ادت الى سقوط 30% من ارض العراق بيد داعش والفساد هو وراء مجزرة سبياكر الاليمة ومجزرة سجن بادوش في حزيران عام 2014 … في العراق مليارت الدولارات تسرق ومواقع وزارية وعسكرية تباع وجيش وشرطة فضائيون فقط في قوائم الرواتب … راينا الفساد على مدى عشر سنوات لا يستطيع شاب عراقي ان يكون جنديا او شرطيا الا اذا كان محسوبًا على حزب او كتلة سياسية من الأحزاب أو من خلال الرشوة … الفساد تجلى مظهره في استيراد مواد غذائية مغشوشة واسلحة عسكرية فاشلة وادوية منتهية الصلاحية …. فاصبح الفساد في العراق قاعدة عامة وليس حالة استثنائية , لذلك اصبحت مشكلة امام من يتصدى للفساد فهو محصور بين خندقين احدهما ينكر الفساد ويتهم من يثيره بانه ضد الاسلام او ضد التحول الديمقراطي او يقال عن المتصدين للفساد انهم اصحاب مؤامرة دبرت بليل , واما اصحاب الخندق الثاني فيريدوا استغلال الفساد لنشر الرعب والارهاب والعودة الى سلطة النظام الديكتاتوري … في العالم يلاحق المفسدون دون هوادة , اما في العراق فالكل ساكت عنهم ومتواطا معهم ماذا فعلت الحكومة التشريعية والتنفيذية لكبار الفاسدين من امثال الشعلان – ايهم السامرائي – فلاح السوداني – كريم وحيد والقائمة تطول حتى ان المرجعية الدينية طالبت بمحاسبة كبار الفاسدين ولمحت باسماءهم ووجهت القضاء وهيئة النزاهة لمحاسبتهم …مشكلة الفساد المخفي تجلت في السعي لكبار السلطة للحصول على الشهادات الجامعية الاولية والعليا , فهل يعقل ان وزير ما يستطيع ان يوظف وقته بين الدراسة واداء مهامه ؟ّ فالبريد الرسمي لا ينجز الا بعد الدوام المسائي او اثناء الليل فمتى يستطيع الوزير التفرغ للمذاكرة ومراجعة محاضرات الدراسة ؟ اتذكر قبل سنوات قليلة نائب قدم على الدراسات العليا وفشل في الاختبار ولانه اصر على القبول اعتبرت الجامعة كل الراسبين في الاختبار ناجحين اي اعتبرت سنة عبور وسميت باسمة … اليس هذا نوع من الفساد وياليت الامر يبقى في حيز الوزراء والنواب بل انسحب على اعضاء مجالس المحافظات ومجالس البلديات الكل منهم اصبح طموحا ويسعى بكل الطرق للحصول على الشهادة الجامعة او العليا طبعا على حساب الخدمة المكلف بها والتي يتقاضى راتبا من خلالها وبعضهم بدرجة خاصة مخصصات منصب وظيافة وخطورة وحماية …ألخ
اخيرا الظاهر ان الايتين الكريمتين تنطبق بالمصداق تماما على احزاب السلطة في العراق ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ , أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ – البقرة – 11– 12)) فالتظاهرات الشعبية في بغداد وثمان محافظات على مدى سبعة اسابيع منتفضة على الفساد وتلوح باسماء الفاسدين لكن كتل هؤلاء الفاسدين واحزابهم تدعي انها مع الاصلاح ولو كانت حقا مع الاصلاح لتبرءت من تلوثت ايديهم بسرقة المال العراقي وانما دعواهم بالكلام دليل على انهم يريدون ان يركبوا موجة التظاهرات الاصلاحية التي تدعمها المرجعية الدينية .