تحدثنا في مقال سابق عن الأوضاع في العراق، والمخاطر التي تحيط به، بالإضافة الى محاولة لتشريح هذه الأوضاع بما تسمح به المساحة التي تسمح بنشر ما نريد قوله، مع عدم الإخلال في جوهر الكلام، وكان حديثنا بداية عن التحالف الوطني وإتحاد القوى العراقية، واليوم نكمل ما بدأنا:ـ
ثالثا: التحالف الكوردستاني:
مشكلة الكورد متشابكة ومتشعبة، فلا هم يريدون البقاء مع عراق موحد، وفي ذات الوقت يطالبون المركز بحصة من واردات العراق، ويطالبون المركز ببقاء الحكم برلماني، في وقت أن حكم لديهم رئاسي، يطالبون بالإنفصال، ومع أول هزة من تركيا؛ تراهم يهرعون الى المركز (لأنهم جزء من العراق الواحد)، هذا من جهة.
من جهة أخرى، يظن بعض الناس غير المطلعين على خبايا الأمور، بأن ما أنجزه الإقليم خلال تلك الفترة، هو بالموارد التي تصله من المركز، في وقت يعلم الجميع بأن أغلب الإعمار الموجود في كوردستان يعود الى الإستثمارات الأجنبية الداخلة إليه، وهذه لم تأت من فراغ، بل جاءت من خلال إستغلال مسؤولين لمناصبهم للترويج خارج العراق، بأن الإقليم منطقة آمنة ويمكن الإستثمار فيه، ومنح المستثمرين حوافز كبيرة، من قبيل منح الأرض مجانا وسرعة إنجاز معاملات الإستثمار، وهو ما تفتقده المناطق الجنوبية والتي تنعم بآمن أيضاً.
نأتي الى المشكلة الكأداء في القضية الكوردية، ألا وهي رئاسة الإقليم، فاليوم هناك أزمة فراغ منصب رئيس الإقليم، والتي إنتهت دستوريا في 20آب 2015، ففي الوقت الذي يصر السيد مسعود البارزاني على البقاء رئيس للإقليم بصلاحيات كاملة، نرى أن رئاسة الإقليم تصر أيضا على أنه لا آمل له بالعودة الى منصبه من جديد، حتى بعد تقليص صلاحياته، ويحاول السيد البارزاني إستمالة بعض الأحزاب الصغيرة الى جانبه، لعله ينجح في مسعاه، ومع هذا وذاك وفي خضم تشابك الأحداث، يحاول رئيس الإقليم فتح جبهة أخرى مع حزب العمال الكوردستاني، والذي يسيطر على مناطق في شمال العراق منذ عشرات السنين، بدون أن يتحرك البارزاني قبل اليوم، لكن مع وجود مشكلة الرئاسة، يحاول فتح جبهة جديدة تشغل الأحزاب والشارع الكوردي، على آمل التمديد له بكامل الصلاحيات، لكن هذه لعبة مكشوفة لن تجد آذانا صاغية وقبولا في الشارع الكوردي.
أزاء ما تقدم فإننا نأمل من جميع الكتل السياسية، الوقوف مع الحكومة في جهودها في عملية الترشيق الحكومي، ومحاسبة الفاسدين، بما يتوافق مع الدستور، بملاحظة أن تنظيم داعش لا يزال بين ظهرانينا؛ يحتل مدن عراقية عزيزة علينا، وأن لهذا التنظيم عيون وآذان يستمع فيها لأخبار الحكومة، وأي شد ما بين الكتل السياسية، سوف يستفيد منه لشق الصف الوطني.
كما أن البلد يمر بأزمة إقتصادية ، لن تستطيع الحكومة لوحدها تجاوزها، إذا لم يصطف الآخرون معها، من هنا فإننا نتمنى على جميع العقلاء في هذا البلد الوقوف صفا واحدا لرفعته وتحرير المناطق المحتلة من التنظيم الإرهابي، والمضي قدما في تنمية الإقتصاد، والبحث عن بدائل مستديمة، تضيف إيرادات الى الميزانية العامة للبلد، وعدم الإقتصار على النفط كمورد وحيد للميزانية.