18 ديسمبر، 2024 8:47 م

الكفاح المسلح كطريق للتحرر الوطني

الكفاح المسلح كطريق للتحرر الوطني

شكل النضال التحرري المسلح للشعب المكافح من أجل حريته و عدم اللعب بمقدراته طريقا للانعتاق من الظلم في حال فشل الحلول السلمية او إستحالتها كما هو في ظل الانظمة الديكتاتورية القمعية(نظام صدام مثالا) وعادة هذا النوع من الكفاح لا يستهدف المدنين و لا مصالح الدول و الشركات  و المنظمات الإقليمية و الدولية  والكفاح موجه فقط ضد النظام الاستبدادي أو ضد الدولة المحتله  . العراقيون   حرموا من حقوقهم الإنسانية والديمقراطية والحريات الأساسية في فترة الديكتاتورية البغيضة في العقود الثلاثة الاخيرة من القرن المنصرم. ونتيجة لذلك، اضطروا للعيش كمواطنين من الدرجة الثانية في بلدهم.بل كانوا يعيشون أقل من الحياة التي كان يعيشها شعب جنوب إفريقيا تحت نظام الفصل العنصري. المقاومة لا تأتي اعتباطا بل تأتي كرد فعل لاعتداء وقع فهي عملية دفاع عن الوجود ورد لعدوان خارجي أو داخلي فهي حق من أجل حياة حرة كريمة ووطن حر وشعب سعيد. ” حق الشعوب في المقاومة هو حق الإنسان في الوجود,لان لا معنى للحياة بدون حرية سياسية/اجتماعية/اقتصادية/القدرة على اتخاذ القرار,وكل هذه الامور مجتمعة هي التي دفعت الحزب الشيوعي العراقي لاتخاذه اسلوب الكفاح المسلح لاسقاط الديكتاتورية في عامي 1978-1979 بعد ان استهتر الديكتاتور بكل القيم وسعيه الى إشباع رغباته ونزواته المريضة بالقتل والحرب العدوانية على الجيران. حق النضال لا يحتاج إلى أديان سماوية ولا قوانين وضعية تدلل على مشروعيته ,المقاومة حركة عفوية تأتي كردة فعل على محاولة اعتداء أو إيذاء، هو عمل لدرء الخطر, هو حركة في مواجهة عدوان ، وحتى المعتدى عليه لا يستطيع منع رد فعله الطبيعي وإن فعل يكون لدرء خطر أكثر وطأة، والشروع الفوري في التفكير في كيفية الرد على العدوان..
قد ينجح العدوان في دفع البشر إلى كبح رد فعلهم تحت وقع الترهيب والتخويف لكن هذا الكبح لا يعدو أن يكون مؤقتا. مثلا السوفيت عرفوا حروب التحرير الموجهة لصد العدوان الإمبريالي، والنضال من أجل حرية الشعوب واستقلالها وهي الحروب التي تُقابل الحروب الاستعمارية وتعتبر حرباً عادلة وتحررية وثورية وتعتبر أيضاً من حيث المستوى من الحروب المحدودة والمحلية والتقليدية. أن حرب التّحرر صراع عادل تستخدم فيها الشعوب قدراتها الشاملة من أجل تحرير أراضيها الوطنيّة المحتلة من قبل دولة معتدية بدون مسوغ قانوني أوأخلاقي. حرب التّحرير وطنية شاملة تستخدم فيها موارد الدّولة البشرية والمادية وكل عناصر الإستراتيجية الشاملة للدولة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية من أجل تحرير الأرض الوطنيّة المحتلة واستعادة السيادة عليها. تلعب القوى البشرية دوراً كبيراً في مثل هذه الحروب من خلال مشاركتها الفاعلة وإسناد الجيوش في ساحات المعارك وتكوين الحاضنة التي تستند إليها المقاومة وتجعل منها حرب شعبية. لما كان العدوان والاحتلال يلحق الأذى والضرر بذات الدّولة وسلامتها وأمنها وسلامة مجتمعها فإن هذه الحروب عادلة ومشروعة، وتعد هذه الحروب عادلة في كلّ المعايير من حيث الطبيعة الأخلاقية والخصائص القانونية والغايات الأساسية, عادة ما تعطي مثل هذه الحروب الأولوية إلى الحسم السياسي على الحسم العسكري من خلال اعتمادها إستراتيجية الحروب الطويلة وتكتيك المعارك الصغيرة، وهذه الإستراتيجية تعتمد بالأساس على استنزاف العدو مادياً وبشرياً ونفسياً وبالتالي تحطيم إرادته على القتال وإيصاله إلى حالة من اليأس, يعد فيها بقاؤه في البلد المحتل صعباً ومكلفاً وبالتالي قبوله الشروط السياسية للمقاومة. أثناء الاحتلال هناك معادلة أحد أطرافها قوي مادياً وعسكريا والطرف الآخر ضعيف، يتغلب القوي على خصمه وبالتالي يتمكن من احتلال أرضه بعد فشل قواته المسلّحة بصد العدوان، ولكن المعادلة سرعان ما تنقلب أو تتحول عندما تلجأ القوّة الأضعف لرفض الاحتلال واللجوء إلى مقاومته من خلال اعتماد أساليب الحروب غير النّظامية، وتحشيد القوى الشّعبية وتطويع العامل المعنوي والنفسي والإرادة الوطنيّة للتقليل من تأثير التفوق المعادي للطرف المحتل.ولعل أبرز مثال على توازن القوى والإرادات حرب فيتنام في منتصف القرن الماضي، فقد دارت الحرب بين قوة هائلة القدرة المادية والعسكرية هي الولايات المتحدة وقوة صلبة الإرادة ومؤمنة بعدالة قضيتها هم الثوار الفيتناميين،ومع ذلك تمكن الثوار من خلال التصميم على القتال والتعبئة المعنوية العالية من ثني إرادة العدو وحمله على التراجع والانسحاب . تتخذ حروب التّحرير أساليب غير تقليدية تماماً من الحرب، لا يستخدم الطرفان فيه نفس الأدوات أو إستراتيجيات القتال ولا يخضع لمعايير التوازن السائدة. فحسب ذلك التصور لا يوجد مسرح عمليات يلتقي فيه المقاتلين بأية صورة ويستخدم كلّ طرف أسلحة وأساليب غير متماثلة، وقد لا تكون هناك علاقة بين الفعل ورد الفعل فيها وأن الخطط المستخدمة فيها خارج نطاق التصور، حيث من المتعذر التقيد بمبادئ الحرب وإنما بأفكار تنتج عن مصادفات يتم تحويلها لخطط مدروسة، وتحيط بعملياتها أقصى درجات المخاطر ويتم كلّ شيء بسرية تامة. استخدمت حرب العصابات عبر العصور وخاضتها مختلف الشعوب ضد الغزاة الأجانب، ورغم تباين أساليبها وتكتيكاتها،فأنها تمتاز بميزة أساسية هي قيام الطرف الأضعف بالصراع ضد الطرف الأقوى ، وهو يسعى إلى تحقيق النصر رغم اختلال ميزان القوى بشكل كبير.                       
المقاومة هي فعل وطني ينطلق من مفهوم واقعي يحاول استعادة التوازن ومن ثم الهجوم ضد مرتكزات العدو الخارجي أو الداخلي بشكل يهدف إلى رحيل الاحتلال او النظام الديكتاتوري وإقامة نظام حكم ديمقراطي. أو هي فعل وطني عقائدي ومسلح يستند إلى الشعب وقضيته العادلة لاستعادة الحقوق الشرعية والقانونية التي سلبت من قبل الأعداء خلافاً للقوانين والمواثيق الدولية. شهد العالم الحديث تجارب مشهودة كما في الاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا خلال الحرب العالمية الثانية وتجارب اخرى خلال فترة الحرب الباردة كما في فيتنام وكمبوديا وغيرها من الدّول التي حاولت قوى العدوان هزيمتها ووضعها تحت سيطرتها المهيمنة، ولم يكن أمام شعوب تلك الدّول غير الخيار الإستراتيجي بالمقاومة وتطوير أساليبها وتنويع أشكالها وصولاً إلى التّحرر والحرية.أما بلدان العالم الثالث فقد كافحت وناضلت من اجل التحرر الوطني بسلاح السياسة وسياسة السلاح وفق حلول مرحلية في كل أنحاء العالم ،والمسألة المطروحة عن أي أشكال من المقاومة والقتال تحقق النصر. والمقاومة بالمفهوم الوطني فعل دفاعي لإنقاذ حقّ وطني من عدوان وقع عليه، وإبعاد الخطر الذي يهدده. وهي في المفهوم المتقدم تكون ردة فعل على اعتداء، وتحضيراً لاتقاء خطر قادم وأصبح دائماً، فإن لم يكن انتهاك لحق وطني كالاحتلال مثلاً لا يكون للمقاومة التي هي فعل تابع محلاً للأعمال، وإذا لم يكن هناك خطر داهم ومحقق لا يكون للمقاومة محل في دائرة التفكير والتحضير. ويقصد بالمقاومة الشّعبية المسلّحة, استخدام القوّة المسلّحة من جانب عناصر وطنية من غير أفراد القوات المسلّحة النّظامية، دفاعاً عن المصالح الوطنيّة ضد قوى أجنبية، سواء كانت تلك العناصر تعمل في إطار تنظيم يخضع لإشراف وتوجيه سلطة قانونية أو واقعية، أو كانت تعمل بناءا على مبادرتها الخاصة، وسواء باشرت هذا الاستخدام للقوّة المسلّحة فوق الإقليم الوطني أو من قواعد خارج هذا الإقليم. وعمليات المقاومة المسلّحة تستمد قوتها مما تحدثه من تقويض هيبة الاحتلال وإظهار عجزه في مواجهة جماعات المقاومة، وتقويض الهيبة له انعكاسات بالغة الخطورة على الموقف السياسي والعسكري لقوات الاحتلال، لعل أبرزها الاتساع التدريجي لنطاق عمليات المقاومة وتشجيع جماعات أكبر من السكان على المشاركة في عمليات المقاومة بما يؤدي في نهاية المطاف إلى تكبيد قوات الاحتلال تكاليف مادية وسياسية كبيرة على نحو يجعل من استمرار احتلالها لأراضي الدّولة المستهدفة مسألة صعبة للغاية. موضوعيًا شكّلت الأوضاع التي سادت في العالم منذ استشهاد تشى غيفارا، تحدّيًا كبيرًا لفكره ولعملية الثورة العالمية برمتها. وقد تميزت هذه الأوضاع بهيمنة الرأسمالية التي خيّمت على بلادنا والعالم بأسره خلال العقدين الأخيرين وتمت خلالها عولمة هذه الهيمنة على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما فيها الاستسلام لهذه الهيمنة . بيد أن بوادر كثيرة تشير إلى أن التغيير قادم، وأن معالمه تلوح في أفق اللوحة السياسية الراهنة، وأن هذه الحقبة آخذة إلى زوال: تفاقم مأزق الإمبريالية الأميركية على مختلف المستويات، أزمات الاتحاد الأوروبي (أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة ومستعصية الحلول) ، وظهور قوى واقطاب ومحاور إقليمية ودولية أخذت تقف بوجه  الإمبريالية الأميركية التي تحكّمت بالعالم  بعد تفكك  انهيار الاتحاد  السوفيتي .