قد يكون خبر وصول رئيس حكومة اقليم كردستان نجيرفان بارزاني، ليس مفاجئاً، وان كان العنوان الرئيس للزيارة المشاركة في مراسم عزاء الجلبي، لكن في حقيقة الامر ان الزيارة تاتي لاستكمال الاتفاقاتت التي ابرمتها الحكومة مع الاقليم والتي لم تترجم على الارض ما شكل ازمة اضحى حلها امراً ملحاً خاصة مع نشوب خلافات عميقة داخل التحالف الكردستاني الذي يعد احد ابرز الكتل السياسية في ادارة البلاد.
وقد يقول قائل ان الاكراد صعبي المراس، ويملكون حنكة سياسية يعرفون خلالها كيف ومتى يستطيعون فرض شروطهم ومطالبهم، وهذا امر قد يكون في الوقت الراهن صعباً مع وجود اصوات رافضة وبشدة لاستمرار البارزاني رئيساً للاقليم، الذي يعيش ظروفاً صعبة بعد سلسلة المواجهات التي حصلت بين ابرز اقطابه الحاكمة وتحديداً حركة تغيير (كوران) التي طالما طالبت ان تكون شريكاً قوياً داخل التحالف الكردستاني الذي يسيطر عليه اقدم حزبين (الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الطالباني والحزي الديموقراطي الكردستاني بزعامة البارازاني)، ومن هنا بدأت المشكلة التي باتت تهدد تجربة الاقليم الذي يحلم الكثيرين ان يحذون حذوهم في ادارة مناطقهم التي تعيش ازمات عديدة وابرزها الامن المفقود.
ولعل ازمة الاقليم الاقتصادية باتت تنعكس بشكل واضح على شارعهم الذي بات يستغل من قبل اطراف ودول اقليمية تحاول فرض اجندتها من خلال ازاحة البارزاني الذي بات يهدد مشروعهم الاكبر باذعان الجميع لمخططات ايران وبعض من يساندها من الاطراف العراقية سواءً العربية او الكردية.
ومن هنا استوجب التدخل لمعالجة الازمة بادوات عراقية، تحرص على عدم افشال التجربة الكردية بل تدعمها لابعاد شبح التبعية عنها، بعد ان باتت اغلب مدن البلاد تابعة وراضية بما فرضته عليه ارادات الغير.
ولقد لمسنا خلال الايام القليلة الماضية حراكاً انبرى له رئيس البرلمان، في خطوة لم تكن غريبة على الرجل الذي بات يثبت يوماً بعد يوم انه عازم على تجاوز الازمات التي تعيشها البلاد، فزيارة الجبوري للاقليم ولقاءه برئيس الحكومة ورئيس البرلمان هناك، اعطت اشارات عديدة اهمها ان مفاتيح الحل لا تبتعد عن بغداد ولا يمكن تغاضي دور المركز في ايجاد الحلول من خلال تقريب وجهات النظر خاصة وان ما يجري في الاقليم من حوادث ستؤثر بشكل او باخر على استقرار البلاد.
فزيارة البارزاني كانت نتيجة لجهود رئيس البرلمان الذي استطاع ان يمهد الطريق امام جميع الفرقاء من اجل الجلوس وحل المشاكل التي تحتاج من كافة الاطراف تقديم التنازلات للنجاة من الكارثة التي حلت بالبلاد.
ان جولة الجبوري، والتي عدها كثيرون مهمة، تجعلنا امام حقيقة يجب التوقف عندها بان البرلمان العراقي اثبت خلال الاشهر الماضية انه الوحيد القادر على ادارة وحل الازمات بما يضمن حقوق الجميع وبالصلاحيات التي اقرها الدستور، وهذا قد يشكل عند البعض مشكلة لكنه بالتاكيد سيكون الطريق الوحيد امامنا لعبور الازمة، وهذا ما نأمله في جهود الجبوري ومن يسانده في الفكرة والراي..