من يهدد وحدة العراق ؟

من يهدد وحدة العراق ؟

لا أملك إحصائية معتمدة عن أعداد الفصائل المسلحة ( الميليشيات) في بغداد، فضلاً على المحافظات، لكن بجولة ميدانية في شوارع العاصمة يمكن التعرف على بعضها، وهذا البعض كثير، من خلال الفلكسات والبوسترات المنتشرة  لهذا الجناح وتلك الكتيبة، ناهيك عن مقراتها التي تفرض وضعا أمنياً لافتاً  لسالكي الطريق، فيما تعد بعض المناطق مغلقة لهذا التشكيل المسلح أو ذاك، ويمنع التداخل حتى مع القوات النظامية، في إدارة ملفاتها الأمنية، ولعل الحادثة الأخيرة في حي المهندسين في شارع فلسطين، خير مثال على ذلك.
الموقف الحكومي المعلن رافض لهذه التكوينات المسلحة، المشكلة على أساس طائفي، وبعضها يخضع لأجندات خارجية، لكن الموجود على الأرض غير ذلك، بل أن قدرات الميليشيات ، بفصائلها المتعددة، وعائديتها السياسية، تتجاوز في كثير من الأحيان ما لدى القوات الأمنية من إمكانيات عسكرية ولوجستية وقرار، حتى ترى العجز بائناً في أداء هذه القوات، إزاء الإعتداءات التي ترتكبها ميليشيا ما، بحق مواطنين، أو دور عبادة، أو غير ذلك، الى حد بات هذا العجز يفسر بوجود نوع من التنسيق، لإبعاد تهمة الإنتهاكات عن القوات النظامية، أو التنصل متى أمكن ذلك من المسؤولية الجنائية إزاء عمليات التصفية والخطف والتهجير وإنتهاك حرمات الغير، على أساس طائفي طبعاً .
 الغريب أن كل هذه الواجهات، لاتشكل خطراً على وحدة العراق، ولا على الدولة المدنية، ونظامها السياسي، فيما تسمع أصواتاً معارضة لتشكيل قوات الحرس الوطني، مبررة رفضها بأن هذا التشكيل الذي يخضع للقانون، ويعمل ضمن سياقات الدولة، وأوامرها، يهدد بتقسيم البلاد.
والأغرب من ذلك، أن فصائل مسلحة تهدد وتتوعد البرلمان في حال تمرير قانون الحرس الوطني، برغم أن وجود هذا التشكيل يتفق مع بنية النظام الإتحادي، ويكتسب دستوريته من هذه الحيثية، ثم أن هناك وثيقة وإتفاق سبق تشكيل الحكومة على تأسيسه، الى جانب أن هذا التشكيل سيعمل على توفير الأمن والنظام  ضمن الحدود الإدارية لمحافظته، ويمنع أية مظاهر مسلحة خارج القانون، وهذا بالتأكيد سيسهم في وحدة العراق وليس تقسيمه، ولاسيما عندما تنوط المسؤولية الأمنية بأبناء المحافظة نفسها، على وفق الشروط التي يجب أن تتوفر في رجل الأمن.
 ومن السخرية، أن يصف بعض رافضي قانون الحرس الوطني، بأنه سيؤدي الى وجود جيوش عديدة ، فيما لايعترض على تلك الميليشيات التي تتكاثر يوماً بعد يوم، خارج سلطة القانون والدولة.  
الفرق كبير بين ميليشيات لها أجنادتها وارتباطاتها وقياداتها، وبين تشكيل إسمه الحرس الوطني، يرتبط بالدولة، ويعمل تحت لوائها، وعندئذ يتضح مكمن الخطر أين يكون على وحدة العراق أرضاً وشعباً.    

أحدث المقالات

أحدث المقالات