22 نوفمبر، 2024 7:55 م
Search
Close this search box.

سلِيم الجبوري في دائرَة الاتهام

سلِيم الجبوري في دائرَة الاتهام

في الاسبوع الأخير من شهر آب 2015 ، نشرتُ مقالاً مكوّن من حلقتين بعنوان (سليم الجبوري مواقف وشبهات). كان المقال بمثابة استشراف لما يُخططُ و يسعى اليه سليم الجبوري، بناء على معطيات الواقع. و قدّ ضَمَّنتُ الحلقة الثانية من ذلك المقال، بجملة من النقاط التي تمثل مثابات دلالة، ترسم للجبوري معالم الطريق، التي إِنّْ سلكها سيدخل قلوب كل العراقيين، المحبين للعراق و شعبه، و بذلك فاني قدّ أَديَّتُ مسؤوليتي الشرعيّة و الاخلاقيّة.

لمّْ تمضِ إِلاّ أَيام قليلة على نشر المقال المذكور اعلاه، حتى سمعنا و شاهدنا في يوم 3 أَيلول 2015، أَنَّ سليمَ الجبوري قدّْ زار دويلة قطر، تلبية لدعوة من حكومتها. تلك الحكومة التي ينظر اليها أَغلب العراقيين، نظرة الريّبة و الشكّ، بناءً على مواقف دويّلة قطر، الداعمة لاعمال الارهاب في العراق.

و زيارة الجبوري للدوحة، تزامنت مع انعقاد مؤتمر الدوحة، الأمر الذي أَثار الكثير من الاستفهامات و الشكوك، حول هذا التطابق في التوقيتات. و جدير بالذكر فقد حضر مؤتمر الدوحة، عدد من الاشخاص الفارين من العراق، و المطلوبين للقضاء العراقي، لوجود دلائل تتهمهم، بتنفيذ عمليات ارهابية ضد ابناء الشعب العراقي، وآخرين غيرهم متهمين بتسليم محافظة الموصل و الانبار الى عصابات داعش.

هذا الموقف المريب من سليم الجبوري، أثار الكثير من التساؤلات عند الاوساط الواعية، من ابناء العراق. و هذا الموضوع المقلق، أَدّى الى ردّة فعل عند بعض اعضاء مجلس النواب العراقي، فقاموا بجمع تواقيع عدد غير قليل من زملائهم النواب، في

خطوة لسحب الثقة من سليم الجبوري. يبدو أَنَّ الموقف العام كان صادماً للجبوري، و قدّ فاجأ سليم الجبوري بشكل كبير، حتى انه جعله عاجزاً، من الظهور أَمام الاعلام، لتبرير تلك الزيارة المشبوهة، إِلاّ بعد مرور عدّة أَيام عليها.

ظهر الجبوري في يوم 8 أيلول 2015 ، يتحدث في مؤتمر صحيفيّ، اسغرق زهاء (16 دقيقة)، اجاب في الدقائق الأربعة الأخيرة من المؤتمر، على ثلاثة اسئلة لعدد من الصحفيين، أمّا باقي وقت المؤتمر، فقد استهلكه الجبوري، في تقديم الحجج، التي تبرر زيارته لدويلة قطر، و عدم لقائه بأَيّة شخصية من خارج العملية السياسية. اضافة لتركيزه الشديد، على موضوع دعم المصالحة الوطنية، و دعم العملية السياسية، و دعم الدستور، و احترام سيادة العراق .

لقد حاول الجبوري في بداية خطابه، قلب الطاولة على خصومه، عن طريق استثمار قضية الاصلاحات. تلك القضية التي أخذت بعداً معنوياً عميقاً عند العراقيين، لكونها دعوة نادت بها مرجعية السيّد السيستاني. و قد أَكدت مرجعية السيد السيستاني قبل اسبوعين، على سرعة تنفيذ الاصلاحات، و طالبت الحكومة بعدم التلكؤ في تنفيذها. من هذا المفصل الحساس، أَكّد الجبوري أمام الصحفيين، أن عملية الاصلاح بطيئة، و قد يفكر البرلمان باعادة النظر، في التفويض الذي اعطاه مجلس النواب لرئيس الوزراء.

هذه المناورة القويّة التي قام بها الجبوري، ربما كان لها أثراً مزلزلاً يهزّ السلطة التنفيذية، لو أَنَّه نادى بها، قبل ان يزور مشيخة قطر، لكن بعد تلك الزيارة، ضاعت تلك المناورة هباءً منثوراً، و لم يحدث لها أَيُّ صىدى اطلاقاً، بالرغم من سخونة مشاعر الشارع العراقي. و الأمر الآخر الذي لم يكن في حسبان الجبوري، أَنَّ عدداً من النواب قاموا في جلسة البرلمان ليوم 8 أيلول 2015، بجمع تواقيع 143 نائباً، يدعون الى اقالة الجبوري من منصبة، لكن هذه العملية تقوضت، لامتناع اعضاء كتلتي التيار الصدري و المجلس الاعلى من اعطاء تواقيع التأييد لهذه الحملة.

في يوم 11 أيلول 2015، اعلن الشيخ عبد المهدي الكربلائي، في خطبة صلاة الجمعة من الصحن الحسيني الشريف، بأَن إِقدام الحكومة على تخفيض رواتب الرئآسات الثلاث، و اعتماد سلّم الرواتب لموظفي الدولة، خطوة بالاتجاه الصحيح. و تلك اشارة ايجابية (كما أَتصوّر)، لدعم حكومة العبادي، و قطع الطريق أمام سليم الجبوري و كل من يريد سلوك طريق التشكيك في عملية الاصلاح الحكومي.

ومن حيث تقييم المواقف، فإِنَّ الجبوري، قدّ وضع نفسه في موقف الانسان المتناقض، من خلال دفاعه عن سياسة مشيخة قطر. فقد بيّن الجبوري أَنَّ الجانب القطري، أكد بأَنَّه لن يحاور أي طرف لا يؤمن بالعملية السياسية، و لا يحترم الدستور في العراق. في حين مشيخة قطر، دعت لحضور مؤتمر الدوحة، عدد من الاشخاص المتورطين في جرائم ارهابية امثال المجرمين، طارق الهاشمي، و عدنان الدليمي، و عبد الناصر الجنابي، و عدد غير قليل من القيادات البعثية المشبوهة.

أقول للسيد الجبوري:

أَيُّ حرمة للعراق تراعيها مشيخة قطر ؟.

و ما هو الدعم الذي قدمته مشيخة قطر، للعملية السياسية في العراق ؟.

و ما هي حدود و مواصفات المصالحة الوطنية، التي تسعى مشيخة قطر لتحقيقها في العراق ؟. و ما هي مصلحتها في ذلك؟.

و ليعلم الجميع ان مشروع المصالحة الوطنية، ماهو إِلا (مسمار جحا)، سيظل مصدراً لانتاج المشاكل في العراق دون نهاية. كما ان مشروع المصالحة، استهلك اكثر من ثلاثين مليار دولار، من أموال الشعب العراقي خلال عشر سنوات، دون الوصول الى نتائج ملموسة من هذا المشروع الخيالي.

و أَوَّدُ أَنّْ أُخبر السيد الجبوري، بأَنَّ محنة العراق حالياً و مستقبلاً، يتحمّلها أمام الله تعالى و التاريخ طرفان، هما:

1. السُنَّةُ المتطرفين و الفاسدين، الذين باعوا ضمائرهم وشرفهم، للمشروع الخليجي بقيادة السعوديّة و إدارة أمريكا.

2. الشيعة الفاسدين، الذين اشتركوا في العملية السياسية، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق.

ان دول الخليج التي تقودها السعودية، سائرة سيراً حثيثاً، في تطبيق برنامج الادارة الامريكية، الهادف الى اضعاف العراق، و كلّ دول المنطقة لصالح بقاء المصالح الامريكية الاستعمارية في البلدان العربيّة، و ضمان تفوّق قوّة الكيان الصهيوني في المنطقة. و الله تعالى حسب الظالمين.

أحدث المقالات