المؤتمر المنعقد مؤخراً في الدوحة ، وبرعاية مباشرة من حكومة قطر وبحضور شخصيات معارضة للعملية السياسية ،وفي نفس الوقت مطلوبة للقضاء بتهم الارهاب كان مثابة اعلان تقسيم البلاد ،. والمضي قدماً نحو تغيير المعادلة السياسية القائمة اليوم ، خصوصاً وأنها تأتي في ظل التهديد الخطير الذي يمثله تنظيم داعش على وحدة البلاد وشعبه ، وتهديد أمنه واستقلاله .
ففي الوقت الذي بدأت اعمال موتمر المعارضة العراقية في الدوحة وبحضور رموز السنة العرب في العراق ،وفي مقدمتهم رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري ، والذي أُبلغ من الحكومة العراقية بعدم الموافقة في مشاركة اي ممثل او مسؤول في الدولة العراقية الى هذا الموتمر المشبوه ، والذي يمثل خيانة عظمى للعملية السياسية والمشروع الوطني الذي قدم ويقدم عشرات الضحايا من الأبرياء والمجاهدين الذي يقفون اليوم سواتراً ضد الارهاب الداعشي التكفيري .
السيد الجبوري والذي اجتمع فور وصوله برئيس الوزراء القطري عبدالله بن ناصر بن خليفة ال ثاني ، حيث تضاربت الأخبار حول مشاركة الجبوري في هذا الموتمر او اللقاء وإجراء المباحثات مع عدد من رموز الفتنة في قطر من السياسيين العراقيين والعرب ، خصوصاً بعد تاكيد الحكومة العراقية عدم موافقتها على مشاركة اي مسؤول يمثل الدولة العراقية ، ويعد هذا خيانة وتخاذلا واضحاً ضد العمل السياسي المعلن .
الموتمر الذي يأتي تزامناً مع المنعطف الخطير الذي تمر به البلاد ، وبعد سقوط مدن العراق الثلاث بيد داعش ، وما تلاها من احداث دامية ومجازر مروعة في الموصل وسبايكر على يد التنظيمات الإرهابية وحواضنهم من تكفيريين وازلام النظام البائد الذين لم يرق لهم ان يعيش شعب العراق ويتنفس الحرية بعد غمامة الظلم وماكنة القتل البعثية .
هذا الموتمر والذي يأتي برعاية قطرية جاء ليعلن الدعم المبطن لهذه التنظيمات الظالة والتي تحاول تمزيق النسيج الاجتماعي للشعب العراقي، وتمزيق وحدة ارضه ، وهنا لابد من تساؤل اذا كانت النوايا سليمة لماذا لا يعقد السياسين السنة مؤتمرهم في بغداد او الانبار ؟! لماذا هذا التقاتل من اجل ارضاء مشايخ الفتنة في الخليج ؟! .
اذا كان هذا الموتمر فعلاً لتوحيد المواقف السنية ، وإيجاد مرجعية دينية وسياسية لهم لماذا لا يصار الى عقده في الانبار ، وبرعاية الحكومة العراقية ، واذا كان من اجل لملمة الواقع السني الذي اصبح منقسما في جميع مواقفه ، فمنهم من يقف مع داعش ويحميه ، ومنهم من يحاول نقدية الدعم المالي والمعنوي دون المشاركة مع داعش ، ومنهم من يقف مع النظام والقانون والدولة لماذا لا يعلن الموقف الرسمي للسنة من العملية السياسية ، ورفض ارهاب داعش ، واعلان الموقف من العمل السياسي الحالي .
ان التناحري والاختلاف الذي تعيشه الشريحة السياسية للمكون السني في البلاد وإخفاق الكثير منهم في تحقيق مكاسب شخصية لهم قبل دخول داعش ادت بهم للانجراف وراء اجندات داعش المجهولة, الامر الذي ادى الى دخول المكون السني بالكامل بتأييد المجاميع الارهابية، لهذا المكون السني اليوم يتحمل مسؤولية كبرى في اثبات عدم ولائه للتنظيمات الارهابية ، كما تقع مسؤولية كبيرة على النخب السنية بضرورة توحيد مواقفها واعلان مرجعيتها السياسية وبوضوح وشفافية عالية ، كما يقع عليه جهد اخراج داعش من مدنه ، فمهما كانت قوة وشكل الضربات الاميركية فلن يكون بمقدورها احداث تغير فعلي على الارض ان لم تنتفض العشائر السنية ضد وجود تنظيم داعش في مدنهم ، لذاك هم مطالبون اليوم بالابتعاد عن الفوضى السياسية التي عانوا منها طوال المرحلة الماضية, وترك المشاكسات الاعلامية التي تعودوا عليها إبان حكم حزب البعث ، كي يتسنى لهم رؤية الواقع السياسي الجديد بعيدا عن خيالات الماضي وأمجاده, والمشاركة الحقيقية في العملية السياسية بطرح مطالب تتلائم والظروف الحالية للعراق, متحررين من قيود دول وجماعات لم تجرُرْ عليهم سوى القتل والدمار على مدى عقد من الزمن ، ويكون ولائهم لوطنهم دون غيره .