ساءني الفهم الخاطئ لصديق أثق بوعيه: “لا يحق للشيعة محاربة داعش!” ولم أرد عليه، إنما أستفز أكثر من صديق “سني” حاضر في الجلسة، قائلين: “لا نسمح لك بتعميم وهم تطرفك لتبدو “داعش” المجرمة، كما لو منقذة للسنة؛ إنها تسيء للإسلام بمذاهبه السنية الاربعة.. تظهرها مشرعنة لسفك الدماء! وممَ تنقذ السنة؟ من سوء إدارة العملية السياسية في العراق، التي تضطهد الشيعة أكثر من سواهم” مؤكدين: “لا تدع تطرفك يوهمك بأن من يستبيح دم ومال وعرض الشيعة والمسيحيين والإيزيديين والصابئة، السنة بمنجاة من بطشه.. إنها هلوسة تسيطر عليك فلا تعممها على السنة”.
إلتزمت الصمت، كي لا يتحول الحوار الى جدل شيعي سني؛ لأن الحاضرين سيروه منطقا لعلاج العقدة الأثنية، التي إستفحلت متورمة.. تتسرطن في عقول خدعتها لمعة إنعكاس ضوء الشمس، على نحاس يصدأ تحت أول زخة مطر؛ ظنوه ذهبا!
هذا الصديق معذور بحكم زاوية إطلاله على المشكلة، فهو لا يدرك زخم الإحباط الذي تعانيه المناطق الشيعية؛ جراء الإهمال الحكومي، من قبل ساسة مفسدين عن بكرة أبيهم: “مامش شريف أعاتبنه”.
مثلما لا يدري بتكامل نظرية “المطرقة والسندان” من تحت وفوق العراقيين، بفئاتهم كافة.. حكومة فاسدة وإحتلال قاتل يستبيح الحرمات، لم يراعِ سنية عشائر البونمر ولا الجغيفات وجبور الضلوعية والعلم وصلاح الدين.
تتكامل تلك النظرية المطْبِقة على العراقيين.. بين مطرقة “داعش” وسندان “الفساد” بالتواطئ الدولي الذي يتظاهر بضرب “داعش” من خلال طلعات جوية، تلقي حاويات أغذية وأسلحة؛ تديم وجوده، بـ “علم او غفلة” الحكومة العراقية، الأمر سيان.. “إن كنت تدريها فتلك مصيبة.. وإن كنت لا تدري المصيبة أعظم”.
روسيا فقط، صحت مستيقظة من سبات الخديعة؛ لتعمل بجد، لمسنا أثره بسرعة؛ لو إبتدأت الأسرة الدولية، بالقوة ذاتها، في تقويض التنظيم الإرهابي؛ لإختزل دم ومال وجهد و… الكثير، بوقت قياسي.
يتأكد التواطؤ المحلي والعالمي، مع “داعش” ضد العراق وسوريا، بموقفي دولتين لم تخفيا إستنكارهما للمبادرة الروسية التي تستحق ثناء المسالمين، ولا يستفز منها إلا مجرم متواطئ مع الإرهاب.. بل من يتخلف عنها، ولا يسهم بقصف أوكار الشر، فإنه يثلم السلام الإنساني ويمسد على خطم الشيطان الوالغ بالدم، يفح مثل ثعبان أثيم!
“فلا أنا مردود بما جئت طالبا.. ولا حبها في ما يبيد يبيد”! و”ما قولك: – من هذا؟ بضائره.. العرب تعرف من أنكرت والعجم” أريد بهذين البيتين االإشارة الى إرادات كبرى متمة شأنها، بغض النظر عن التمفصلات المذهبية، التي تقلق صاحبي الذي عكر الجلسة.
إرادات تعمل بموجب خريطة صماء تضع عليها العلامات التي تحيل مصلحتها النسبية الى حق مطلق! تحث المتطرفين على تحقيقه لها، يقاتلون بالنيابة عنها!
فلا تنخدعوا؛ لأن “داعش” ثعبان، إن أجهز على العراق؛ سيلتف عليكم يمحوكم كلكم.. يبلعكم! خاصة دول الخليج التي فقدت ألمعيتها؛ بعد أن أوجد العالم المتقدم بدائل للطاقة، حققت قول أحد رؤساء وزراء إسرائيل، إبان السبعينيات: “سائرون في البحث عن بدائل للطاقة، وليشرب العرب نفطهم” و”داعش” كأس السم التي سيتجرعها الجميع؛ إن لم يتيقظوا تفريقا بينها وكأس العسل!