19 ديسمبر، 2024 10:49 ص

قال رسول الله {ص} :”علماء امتي خير من أنبياء بني اسرائيل.”
 
لاشك ان العالم المجتهد الجامع للشرائط، عندما يرقى الى درجة ما من العلم ،يكون قد استوفى كافة المراحل التي جعلته أن يكون فيها أكثر منا قربا الى الله، والى رسول الله (ص) وأهل بيته الكرام (ع) من ناحية إدراك العلم ودرجة التقوى.

ولا يزايدهم على ذلك أحد، كما ان هذه الملكة التي حاز عليها العالم لم تأتي من فراغ . إذ انه أفنى حياته في مجال طلب العلم من دراسة وبحث وتحقيق واجتهاد، حتى صار عالما في سبيل النجاة ان لم يكن عالما ربانيا.

وبهذا نستطيع القول انه أيضا قد اقترب أكثر منا الى طريق العصمة وأوشك ان يرى خطوطها بعين غير عيوننا.
ولاشك ان من وصل الى هذه الرتبة كان حريا به ان يتبوأ مراكز القيادة كقائد أو امام.

ووفق هذه المعطيات يحق له ان يتصرف كقائد أو امام ليس من منطلق ديني أو تراثي أو تاريخي فحسب بل من منطلق الأحقية والولائية في ان يولي الجانب السياسي شأنا ريما يجني فيه للمذهب نصرا سياسيا باهرا، أو مكسبا ولائيا وعقائديا فريدا، تعجز عن تحقيقة الأدلة والبراهين والحجج.

ومن باب أولى له الحق أيضا استعمال جميع الآليات التي أولاها المذهب  له كالاجتهاد والتقية والمداراة وغيرها، تماما كالآليات التي عمل بها رسول الله {ص} من خلال قبول صلح الحديبية ،والتأليف الذي أقره القرآن الكريم، وقانون الطلقاء، وتعدد زوجاته {ص}، وأمور أخرى نعجز عن حصرها في هذا الحيز الضيق.

وكذلك اجتهد الائمة المعصومين (ع) وأصحاب رسول الله الكرام رضوان الله عليهم، والتابعين ، والمجتهدين من بعده، في بعض المسائل والملمات، كعلي(ع) في مقاتلة المارقين من الطلقاء والناكثين والقاسطين،  والحسن (ع) في صلحه، والحسين (ع) في نهضته، وزين العابدين (ع) في صفحة، والرضا (ع) في ولايته، وعمار بن ياسر(رض) في تقيته، وجعفر الطيار(ع) في طرحه, والسيد الصدر الثاني(قدس سره) في صلاته، والامام الخميني (قدس سره) في ثورته وروحانياته.

من هنا ومن خلال ما تقدم، نستطيع القول والجزم اننا جميعا لا نستطيع تفكيك اقوال العلماء وافعالهم أو التشكيك في بيانهم، ولا يصح منا القول ان نجعل من أعمالهم مثالبا من باب التقويم أو عرض افعالهم على طائلة النقد، لأننا لا نعرف بالضبط طريقة تفكيرهم ومستواه، والخطوات التي يتخذونها للحفاظ على بيضة الإسلام وإعلاء شأن الأمة والمذهب.

ختاما فلنبتعد عن التشكيك والريبة والمؤاخذة في ما يقوم به علماؤنا الافاضل ، فهم جميعا على حد سواء من العلم والإخلاص في العمل، “إلا من فسق منهم بفتوى من المجتهد الجامع للشرائط”، وهم عين الله في ارضه، والامتداد الطبيعي لرسول الله {ص} وآل بيته الكرام (ع).

ولاحاجة لنا في ان نميز أحدا دون غيره من العلماء، الا في التقليد أو درجة العلم، فهم كالنجوم، اعلى الله مكانتهم اجمعين .

ويلزمنا أيضا إبداء الطاعة لهم، ومجالستهم والنظر في وجوههم، ومحاسبة ممن أخذته العزة بالإثم، ودفعته جرأته للتجني عليهم والقذف بهم بما لايليق بمنزلتهم وكرامتهم عند الله وعند رسول الله {ص} “ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا، وقال انني من المسلمين”.

فهذه مسؤولية عظيمة وعلى الذين جاءوا بها أو أقترفوها، عليهم ان يسارعوا الى التوبة ويصلحوا ما بدا لهم، فإن الله رؤوف رحيم، ليكون ذلك في ميزان أعمالهم، “لاآله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين”.

ولنستغفر ربنا على سوء أعمالنا، وفحش أقوالنا، وبذاءة السنتنا، وندعو دائما وابدا {…..ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا  غلا للذين أمنوا ربنا إنك رءوف رحيم }.

أحدث المقالات

أحدث المقالات