لقد فشل التحالف الوطني وحزب الدعوة بالذات في ادارة الدولة. ودولة القانون لم تكن في يوم من الايام مع القانون . ونتيجة حكم دام اكثر من اثني عشر عاما لم تستطع الحكومات المتعاقبة ادارة الدولة ، ودب الفساد في كل مفاصلها نتيجة تسابق الاحزاب والتكتلات المتألفة معها على نهب خزينة الدولة حتى اوشكت على الافلاس … ولقد شعر المواطنون بأن الحكومة والبرلمان لم يعودا يمثلان اي فئة من فئات المجتمع لغياب دور الدولة والمحافظات في حفظ الامن وتقديم الخدمات. . وقد ازداد وعي المواطنين حتى خرجوا الى الشوارع للمطالبة بحقوقهم المشروعة . كما تغير الرائ العام في العراق في اتجاه الوعي بالخدعة الكبيرة التي وقع ضحية لها في الانتخابات السابقة . فرفض الاحزاب الدينية كلها وتبدى ذلك من خلال الشعارات المطروحة في مظاهرات بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية . وقد حاولت الحكومة وعلى راسها السيد العبادي ايهام المواطنين مجددا بانه قادم لتحقيق الاصلاحات والبدء في تكوين دولة بعيدة عن الفساد وقريبة من المواطنين. . ولكن سرعان ما انكشفت هذه الخدعة ايضا حيث اصبح لدى المواطن وعي اكثر بأن هذه التكتلات الحاكمة غير قادرة على اعطائه ما يريد من خدمات وعمل والعيش بكرامة . وان وعي المواطن هذا قد اخذ بالازدياد يوما بعد يوم حتى اصبح يشكل خطرا حقيقيا على الاحزاب الحاكمة والمؤلفة للحكومة بكل طوائفها وقومياتها . ولذلك فأننا سنشهد محاولة لقمع هذه التظاهرات واخمادها على غرار ما حدث بالمظاهرات التي جرت في طهران . . ولكن هذه الاحزاب ان كانت تعتقد انها ستختزل عملية الاصلاح الموهومة وستقضي على المظاهرات فهي واهمة لانها ان كانت ستقمع المظاهرات الان فانها ستواجه ثورة شاملة في المستقبل القريب لان الدولة على حافة الانهيار ، وان الحكومة عاجزة تماما عن تلبية ابسط طموحات المواطنين . وان المواطن لا يمكن ان يسكت الى الابد . كما ان الرموز السياسية قد سقطت في مستنقع الفساد والخيانة للشعب والوطن . وقد تكهنت الولايات المتحدة بعمق الازمة التي وقعت فبها الحكومة العراقية ، ولغرض انقاذ ما يمكن انقاذه فقد حاولت ان تطعم الحكومة والاحزاب الحاكمة الان بعناصر من حزب البعث وهيئة علماء المسلمين فحاولت عبر مؤتمر الدوحة في قطر ان تجمع كل هذه الاطراف لاعادة تشكيل التحالفات من جديد . ولكنها فشلت في ذلك لان الجميع يحاول الاستئثار بالسلطة على حساب الاخرين . وقد طرحت هيئة علماء المسلمين مشروعها الهزيل للتصالح مع السلطة حيث دخلت في الوقت الضائع وبعد قرب نهاية اللعبة وبالتالي فشل المشروع الامريكي في تطعيم السلطة بعناصر مشبوهة من حزب البعث وهيئة علماء المسلمين على اعتبار ان ذلك سيشكل حكومة جامعة ولكنها في الحقيقة ستكون حكومة هجينة مشوهة ان كانت هناك حكومة اصلا .
والحل لا يكمن في اصلاحات العبادي الوهمية ولا في محاولة امريكا ترقيع الحذاء المتهرئ المتمثل في السلطة الحاكمة في العراق . ان الحل سيكون بيد الشعب فاما ان يكون او لا يكون . وان الشعب لن يقبل ابدا باقل من حكومة تكنوقراط مستقلة تماما عن كل من تلوثت ايديهم. بدماء العراقيين واموالهم وحقوقهم المشروعة . وان الايام القادمة ستكون مشحونة بالاحداث كما ان الحكام سيسفرون عن وجههم القبيح تجاه الشعب ، ولكن الشعب لن يسكت ببساطة والمعركة ستكون قاسية وشرسة ولن ينتصر فيها الا من اراد مواصلة النضال وتحقيق اهدافه وخلاصه من الطغمة الحاكمة . هذا هو منطق التاريخ وان النصر سيكون اخيرا بيد الشعب ان كان عاجلا ام اجلا . وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون .صدق الله العلي العظيم