لم يعد بوسع أحد تجاهل الدور المشبوه و الخطير الذي يضطلع به نظام الجمهورية الاسلامية في المنطقة، خصوصا من حيث إخضاع دول المنطقة لنفوذها و هيمنتها عبر طرق مختلفة أهمها الميليشيات و الاحزاب و الجماعات التابعة لها و التي تقوم بتوجيهها من طهران وفق متطلبات مصلحتها و أمنها و معاييرها السياسية.
التصريح الذي أدلى به الرئيس الامريکي، أوباما، من إن إيران قوة إقليمية تمارس اعتداءات بوسائل غير تقليدية من خلال تنظيمات تابعة لها، مشيرا إلى أنه يجب إيقافها عند حدها، قد جاء بعد أسابيع من إقرار الاتفاق النووي مع إيران. وظل أوباما يحاول طمأنة المعترضين على الاتفاق”ولاسيما دول المنطقة و الخليجية منها بشکل خاص” بأن الولايات المتحدة لن تترك إيران تمارس تأثيرها في المنطقة من دون مواجهته.
هذا التصريح الذي يجسد الموقف الامريکي من طهران على أعلى مستوى، يثبت بإن الدور الايراني في المنطقة قد تجاوز کل الحدود المألوفة ولم يعد بالامکان السکوت عنه و تجاهله، لکن المثير للسخرية إن هذا الموقف يأتي في وقت يلتقط نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية أنفاسه و يستعيد شيئا من عافيته المتداعية بعد الاتفاق النووي”الرخو”و”غير الصارم”، خصوصا وإن إطلاق الارصدة الايرانية المجمدة و وفق رٶية و فهم معظم المراقبين و المحللين السياسيين، سوف يتم توجيهه لمضاعفة القمع الداخلي و لزيادة التدخلات الايرانية في المنطقة و إسنادها.
هذا الموقف الامريکي الذي يعتبر غامضا و غير مفهوما بالمرة، يأتي في وقت تبادر فيه طهران الى رفع شعارات”الموت لأمريکا”من الاماکن العامة و من جدران السفارة الامريکية نفسها و يتهافت الرئيس أوباما و إدارته من أجل دفع الکونغرس الامريکي للتصويت لصالح الاتفاق النووي و عدم الاعتراض عليه، وإن هذه السياسة المزدوجة التي تحمل الشئ و نقيضه، لايمکن إعتباره أبدا بالسياسة المطلوبة و المناسبة للوقوف بوجه الدور الايراني المتعاظم في المنطقة، وکان الاولى بالرئيس الامريکي أن يبادر الى الإيعاز لموقف يتسم بالحزم و الصرامة في المفاوضات النووية بحيث لايسمح لطهران أن تظل تمارس دورها المشبوه المخل بأمن و إستقرار المنطقة.
قبل و أثناء و بعد الاتفاق النووي، ظلت المعارضة الايرانية النشيطة و المتمثلة بالمجلس الوطني للمقاومة الايرانية، تٶکد بإن أي إتفاق نووي لايتسم بالحزم و الصرامة مع النظام الايراني سوف لن يکون إتفاقا فاعلا و مفيدا و يمکن الاعتماد
عليه لإنه”أي هذا النظام”، سيبادر للعودة الى نشاطاته السرية، کما شدد على إن تحويل الارصدة الايرانية المجمدة لطهران من دون رقابة دولية مشددة ستقود بالضرورة لصرف هذه الاموال لصالح القمع المنظم ضد الشعب الايراني من جهة و لدعم و توسيع التدخلات في المنطقة من جهة ثانية، من هنا، فإن الموقف الامريکي هذا لن يکون واضحا او عمليا و فعالا دون أن يشفع بإجراءات عملية على أرض الواقع و التي أهمها حاليا إخضاع عملية صرف تلك الارصدة من جانب طهران لمراقبة دولية مشددة وعدم السماح بصرفها لغير الحالات المفيدة لتحسين أوضاع الشعب الايراني و معيشته کما أوصت المقاومة الايرانية، والسٶال هو: هل ستقوم الادارة الامريکية بذلك؟