بعد الضوء الأخضر من المرجعية الرشيدة ومظاهرات الغضب العراقي وجد رئيس الوزراء العراقي نفسه عند مفترق طريق باتجاهين لا ثالث لهما …..
أولهما ترك الحكومة لشخصية أخرى من نفس الوسط المغضوب عليه ( مرجعيا وشعبيا )وفق نفس السياقات التي سارت عليها العملية السياسية المشلولة اصلا ، او الاستجابة لما تمليه عليه المصلحة الوطنية العليا والالتزام الديني الصادق .. ولأن العبادي ربيب عائلة فاضلة وقد تربى على قيم الطهارة والأخلاق الحميدة وهو سليل من قدم ولديه قرابينا للحرية فقد أختار الأسلوب الأخير ، أملا في إصلاح ما يمكن إصلاحه وإنقاذ السفينة الموشكة على الغرق ، مع ان نقطة ضعفه هو انه قد اكتسب خبرته الإدارية من خلال العمل بعد 2003 في المؤسسات الحكومية الحالية التي تفتقر إلى التخطيط الإستراتيجي ،وآلية اتخاذ القرار الإداري ،بالإضافة إلى عدم الخبرة والكفاءة والنزاهة التي تتصف بها هذه المؤسسات ، لذا فإن خياراته ستبقى محددة وسيظل مكبلا بآليات لا تصلح للإصلاح الجذري الكبير الذي يتطلبه الوضع وفضلا عن رغبة الجماهير والمرجعية فيه .
أن تحول العراق إلى دولة مفلسة ليس بعيدا عن التحقق اذا ما بقت الممارسات بنفس نسقها الحالي ، واذا ما استمر التردي والتهري في مسيرة بناء الدولة .
لكل ما تقدم وللاخطار المصيرية التي تحيط بالبلد ولظروف المرحلة العصيبة فإن على العبادي أن يخرج من عباءته ويتخلى عما يعتقده مسلمات لا يمكن الخروج عليها ، صحيح أن الخروج عن بعض نصوص الدستور سيعد مخالفة ولا يمكن ان تقبل هذه النصيحة من استاذ جامعي يحترم الاصول والمعايير لكن درء مفسدة كبيرة بمخالفة صغيرة او مخالفات صغيرة جائز ومحبب في مواضع كثيرة
لقد أثبتت التجارب أن هذا الدستور لا يصون البلد ولا يحمي المواطن ولم يستطع أن يقف أمام آلاف الإنتهاكات للمال العام والحريات الشخصية وحرمة الإنسان ، فلماذا نستمر في مراعاته وتقديسه مع أن الفهم بأن لا يكون هنآك دستور او فراغ دستوريا سيعد كارثيا بحد ذاته لذا فان اللجوء الى الشعب للتفويض اولا ثم تغيير الدستور تدريجيا وفق استفتاء سيكون عملا خلاقا يبني ولا يهدم .
ولكي لا أطيل في التحليل فإني اقولها بصدق للدكتور العبادي لقد توفرت لك فرصة لم تتوفر لجميع من حكموا العراق سابقا منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة بعد ثورة العشرين ، فلا تضيعها لأن التاريخ لا يرحم .
لا تبقى تدور حول نفسك وحول نفس الدائرة التي أثبتت فشلها … أخرج للفضاء الأوسع فإن العراق توحد معك ولديك مباركة صمام الأمان …المرجعية الرشيدة…أخرج ..يا رعاك الله … من دائرة الفشل إلى دوائر النجاح … خذ التفويض أولا ثم غير الدستور لبناء دولة ديمقراطية حديثة فيها ضمانات عدم عودة الدكتاتورية والظلم والطغيان والحروب العبثية الكارثية وفيها أيضا ضمان عدم استمرار الفساد وسرقة المال العام وهدر كرامة المواطن والوطن ….
فهل ستكون سيسي العراق … أتمنى من قلبي لك التوفيق …والله من وراء القصد