23 ديسمبر، 2024 6:20 م

الموصل والتحرير المنتظر

الموصل والتحرير المنتظر

عادت مشكلة تحرير الموصل الى الواجهة من جديد بعد ان انشغلت القوات العراقية بسقوط الرمادي المفاجئ مايو (أيار) الماضي، وقد تناقضت التصريحات بشان الطرف الذي سيأخذ زمام مبادرة التحرير، ففي تصريح لوزير الدفاع العراقي خالد العبيدي قال ان تحرير الموصل من قبضة “داعش” ستكون “عراقية خالصة ” دون أي تدخل خارجي. فيما اكد مصدر لصحيفة الشرق الأوسط ان الأطراف الثلاثة المعنية بعملية تحرير الموصل وهي (وزارة الدفاع العراقية ووزارة البشمركة وقوات التحالف) قد بدأت مشاوراتها في أربيل في اطار العمليات المرتقبة لتحرير الموصل وكشف المصدر الذي رفض ذكر اسمع للصحيفة ان العمليات المرتقبة قد تشهد مشاركة برية من قبل “تركيا والولايات المتحدة الامريكية” بعد ان نال الجيش التركي في الأسبوع الماضي تفويضا من قبل برلمانه لمشاركته في عمليات عسكرية خارج الحدود التركية في سوريا والعراق.

فيما ذكر رئيس لجنة الامن والدفاع النيابة “حاكم الزاملي”، ان معركة تحرير نينوى المرتقبة غير مكتملة المعالم وبحاجة الى وقت.

وفي ظل تناقض التصريحات بين وزارة الدفاع وقوات التحالف ولجنة الامن والدفاع البرلمانية يبقى الامر مجرد تكهنات ولا يمكن معرفة وقت بدء هذه العملية المعقدة والحاسمة.

الذي يتوجب على الجميع فعله هو توفر مستلزمات هذه العملية حتى يضمن لها النجاح والا فان القوات العراقية والتحالف الدولي يخاطران بألاف المدنيين داخل المدينة وقد تستخدمهم “داعش” دروع بشرية لهذه الحرب، فضلا عن المغامرة بحياة القوات العراقية كما حدث في عملية الانبار الغير محسوبة، والتي رفضت قوات التحالف انطلاقها لعدم جاهزية القوات العراقية فضلا عن توقيتها الخاطئ.

اذاً تأجيل العملية لفترة ولحين اكمال الاستعدادات أولى من المجازفة وفتح جبهة جديدة ستؤدي الى مزيد من الاستنزاف البشري والمالي وهذا ما لا نريده في الوقت الحالي.

وقبل البدء بهذه العملية لابد من التأكيد على عدة نقاط مهمة جدا سيكون لها تأثير واضح وقوي على مجرياتها:

أولا: التأكيد على الدعم والاسناد الدولي من قوات التحالف جويا وبريا وتوحيد قيادة المعركة بين أطرافها المختلفة،

وعدم زج القوات العراقية فيها بمفردها لان ذلك يعني تعرضها الى الابادة.

ثانيا: عملية التحرير تحتاج الى أرداه سياسية واجماع وطني وتوحيد الخطاب السياسي والاعلامي لتهيئة مناخ شعبي ودولي لها.

ثالثا: مطمئنة “المدنيين” داخل المدينة بان العملية العسكرية ليست موجهة ضدهم وان الهدف القضاء على “داعش” وتخليصهم من بطشها وارهابها، وذلك عبر وسائل الاعلام المختلفة ومنشورات تلقيها الطائرات فوق المدينة، مما سيؤدي الى كسب مواطني نينوى وبالتالي يسهل اختراق المدينة من الداخل ويجعل مهمة القوات المهاجمة اسهل.

رابعا: استخدام عامل المباغتة والسرية وعدم كشف الخطط وتوقيتات الهجوم امام وسائل الاعلام.

خامسا: البدء بالعملية حين تتوفير الامكانيات وعدم تأخيرها بدون مبرر لان ذلك يعقدها خاصة ان “داعش” بدأت بتحصينات كاملة للمدينة وارغمت الكثير من الشباب للتطوع في صفوفها.

سادسا: توفير المستلزمات الضرورية من اعداد وتدريب وتسليح لمجاراة قوة عصابات “داعش “لان المعركة ستكون حرب شوارع.

سابعا: استثمار الأجواء الإيجابية المحلية والدولية حيث أبدت دول عربية استعدادها للمشاركة في عمليات تحرير الموصل وعلى راسهم الامارات كما قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية.

في ظل ما ذكر يبقى الامر غير محسوم ويخضع لحسابات داخلية وخارجية وهذا ما لمسناه في تناقض التصريحات بين الاطراف المعنية بالتحرير، يضاف اليه الى عدم جدية قوات التحالف بمحاربة “داعش” وحسم المعركة معها، وهذا يؤدي الى مزيد من الخسائر في صفوف المدنيين وزيادة في المهجرين والمهاجرين داخليا وخارجيا.

وحل ذلك يكمن ببدء الاعداد للمعركة ليس في الموصل فحسب، بل بالمنطقة كلها للقضاء على “داعش” وتخليص العالم من شرها وقتلها.