هنالك محاولات و مساع مختلفة تبذل من أجل إشراك إيران في المساعي السلمية لحل مشاکل و ازمات بلدان المنطقة على أساس مايشاع بإن طهران تشکل جزءا من الحل، لکن الحقيقة وفي ضوء الادلة و المعطيات المختلفة فإن طهران ليست فقط تعتبر جزءا من المشکلة وإنما هي أساس المشکلة کلها.
التمعن في الاوضاع في العراق و سوريا و لبنان و اليمن، والتمعن في مجريات الاحداث و الامور، نجد إن لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية يد طولى في المسار السلبي لتلك الاوضاع و کونها تجعلها تسير في سياق و إتجاهات يخدم مصالحها و أهدافها و غاياتها المختلفة، وإن ماجرى و يجري حاليا في هذه الدول من مصائب و کوارث و مآسي يتعلق بشکل او بآخر بالسياسات الايرانية و التکتيکات الخاصة بها و التي يبدو واضحا جدا إنها تقاطعت و تتقاطع مع مصالح شعوب الدول ساردة الذکر.
منذ أن بدأ النفوذ الايراني يستشري في دول المنطقة فإن المشاکل و الازمات بدأت بالتزايد معها بشکل طردي، فکلما إزداد النفوذ و تعمق، فإن المشاکل و الازمات تزداد و تستعصي، ولئن کان هذا الامر في البدايات و لأسباب متباينة غير واضحا، لکنه ومع مرور الزمان بات يتوضح أکثر فأکثر و تظهر العلاقات القوية بين هذا النفوذ و الاوضاع الرديئة في هذه الدول و التي هي حاصل تحصيل و نتيجة منطقية لتأثيرات و تداعيات ذلك النفوذ، إذ إن تغليب مصلحة و أهداف و غايات طهران على مصالح هذه الدول قد تسبب في إلحاق أفدح الاضرار بها من النواحي الاقتصادية و الامنية و الاجتماعية و المعيشية.
عمليات الابادة الجماعية و تدمير البنى التحتية للعراق و سوريا و نزوح الملايين من أبناء البلدين من مدنهم و قراهم و تدمير منازلهم و إشعال نار الفتنة الطائفية، کلها أمور لها علاقة بشکل او بآخر بالتدخلات الايرانية و السعي لتهيئة الارضية المناسبة لها، بل وإن معظم أجهزة الدولة في البلدين صارت مخترقة و يتم تسيير الامور وفق ماتمليه السياسات الايرانية في هاتين الدولتين بشکل خاص و في المنطقة بشکل عام، بل وإن إستهداف أي معارض او مخالف للنفوذ الايراني في هاتين الدولتين سواءا کان فردا او حزبا او جماعة، صارت مسألة مباحة و ان هناك عشرات الامثلة على ذلك لايتسع لها هذا المجال الضيق لإيرادها، وبطبيعة الحال فإن الاوضاع في هذين البلدين لن يتحسنا أبدا طالما بقيت طهران مهيمنة بنفوذها عليهما.