وأنا أقرأ خبر احتجاز سلطات مطار القاهرة الروائي “علي لفتة سعيد” ومنعه من الدخول الى مصر لتسلم جائزة عن إحدى رواياته من مؤسسة القلم الحر بمصر، رغم حصوله على تأشيرة دخول من السفارة المصرية ببغداد، تذكّرت موقفين حصلا معي لمرحلتين مختلفتين من تاريخ مصر السياسي ، وهاهو الأمر يتكرّر مع أديب عراقي ،وبمرحلة ثالثة ، من المعروف إنّها جاءت لتكون تصحيحيّة للمرحلتين السابقتين !!
ولكن ، من المؤسف أنّ النتيجة ، جاءت واحدة ، والفارق إنني كنت أكثر حظّا ، فالسفارة المصريّة بمسقط أغلقت أبوابها بوجهي ، في المرّتين السابقتين ، بينما منحت الروائي علي لفتة سعيد تأشيرة ، ولكن اتّضح إنّها نصف تأشيرة ، لعدم حصوله على الموافقات الأمنية!
ولأسرد التجربتين اللتين حصلتا معي , إذ حدث أن حدّثني الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي في عام2007 م ،ذات لقاء جرى معه بمسقط ،عن دعوة للمشاركة في مهرجان شعري يقام في القاهرة مشترطا عليّ تدبير موضوع تأشيرة الدخول، فاعتذرت ، لأن سبق ذلك بفترة قصيرة ، أن وصلتني دعوة من دار نشر مصريّة لحضور حفل تدشين كتاب لي صدر عن تلك الدار، وحين توجّهت للسفارة المصريّة في مسقط، اعتذر الموظّف المسؤول عن استلام الطلب بمجرّد أن لمح جواز سفري !! لذا حين دعيت لملتقى الإعلام السياحي في اجتماع له بالقاهرة ، بعد ذلك بعامين ،اختصرتُ الطريق ،ووفّرتُ على نفسي التعب ، واعتذرتُ.
وبعد ثورة 25 يناير ، اختارتني الجمعية العمانية للكتّاب لأكون ضمن وفد الجمعية الذي يتوجّه الى القاهرة لإقامة الأيام الثقافية العمانية ، قلت إنّ الأمور تغيّرت ، والنظام كلّه تغيّر، كما إنّ دعوة الجمعيّة رسمية ،وفوق هذا قامت الجمعيّة بمخاطبة الملحقية الإعلامية بالسفارة المصرية بمسقط لتسهيل إجراءات حصولي على التأشيرة ، وقامت بتزويدي برسالة ، وحين توجّهتُ الى السفارة لم تكن الأمور تبشر بخير ومع ذلك قلت أنتظر . وبعد أيام قليلة جاءني رفض !!! وحين استفسرت عن السبب ،كما قيل لي، الرفض جاء من الدوائر الأمنية المصرية لكون جواز سفري عراقي ،وهو الجواز نفسه الذي سافرت به الى بريطانيا أكثر من مرة وفرنسا والصين والمانيا، وبلجيكا، وهولندا، والجزائر، وتونس، ولبنان، ودول عربية أخرى، وخليجية ، لكن المشكلة ليست هنا بل إن ” “الأخوان” يتحسسون من الأخوة العراقيين ” ، كما همس بأذني أحدهم ! ، ولم تقف الجمعيّة مكتوفة الأيدي أمام الرفض فقد بذل رئيسها –السابق- الدكتور محمد بن مبارك العريمي جهدا، من خلال علاقاته في مسقط، والقاهرة، وكذلك حاول المسؤولون العمانييون في الخارجية العمانية الحصول لي على إستثناء !كوني أقيم في سلطنة عمان منذ عام1998 م، وأعمل في صحافتها الثقافية ، وباءت كل المحاولات بالفشل !
وبذلك حرمت من المشاركة بهذه الفعالية ولقاء أصدقائي وزيارة “أمّ الدنيا” !
بعض الأصدقاء المسؤولين الذين حاولوا تدارك هذه “الفضيحة” الأخلاقية العروبية قالوا ” لو كنا في زمن النظام السابق ،يقصدون زمن حسني مبارك ، لاستطعنا عمل شيء لكن اليوم “ضاع الخيط والعصفور” !
ومن المضحك المبكي إنني في اليوم نفسه الذي بلغني فشل تلك المحاولات منحتني السفارة الفرنسية بمسقط تأشيرة “الشنجن ” لرحلات متعددة !! للمشاركة في فعالية ثقافيّة عمانية أخرى .
واعتبرت تلك الأعطية ، في مقال لي،هبة ربانية من العالم المتقدم لكينونة تنتمي لوحل العالم الثالث تائهة في ظلام ظلم “ذوي القربى الأشد مضاضة “, من باب جبر الخاطر المكسور
وإعادة الثقة للذات …
وإصلاح ما أفسد الزمن العربي وعكّر المزاج!
ومضى حكم ” الأخوان”، وجاء زمن “السيسي” ، وللمرّة الثالثة تغلق القاهرة بابها بوجه أديب عراقي !!
تتغيّر الأنظمة ، والنظرة للعراقي واحدة!!
يعني طبقا للمثل العراقي “نفس الطاس ونفس الحمّام” !!
مع ذلك سعدت بجهود الكاتب المصري محمد سلماوي الأمين العام للاتحاد العام للكتاب العرب الذي أرسل لوزير الداخلية المصري خطابا، كما نشرت جريدة “الصباح” في عددها الصادر – يوم الإثنين17 آب الجاري – لتسهيل دخول الكتاب العرب إلى مصر، متمنين إن تتكلّل هذه الجهود بالنجاح ، فمصر تظلّ حاضنة ثقافيّة عربيّة ، ونتطلّع إلى تغيّرات جذريّة مع التحوّل السياسي الذي تعيشه لئلا يبقى الطاس نفسه في حمّام مطار القاهرة !!.