جميعنا يعرف البيع، بأنه عبارة عن عرض سلعة من قبل شخص على الآخرين بسعر محدد، وقد يكون عرض السلعة في مزاد معين، وفي هذه الحالة سيكون المشتري، هو من يدفع سعرا أعلى للسلعة المعروضة؛ تبعا لنوع السلعة المعروضة وقيمتها الزمنية والمادية.
يعد البيع عملية تبادل سلعة بالمال، وتختلف السلع المعروضة للبيع، فبعض الباعة يعرضون سلع معمرة و وأخرون يعرضون الفواكه والخضر، وسلع لها علاقة بحياتنا اليومية، وهناك كثير من السلع التي لا يمكن حصرها هنا.
لم نسمع أن شخصا أو جماعة أو جمعية أو منظمة عرضت بلادها للبيع، وحتى لو إفترضنا وجود مثل هكذا نموذج فماذا يمكن أن تشتري بثمن بيعها وطنها، ومن يقبل المال الذي جاء عن طريق بيع الوطن، ألا يعد هذا مال سحت، أو في أقل تقدير مال فيه إشكال شرعي، لأن هناك ذمة تتعلق فيه، خاصة وأنهم ليسوا وحدهم يعيشون في هذا الوطن، وبالتالي قد يكون الآخرين لا يوافقون على بيع بلدهم.
فقط في العراق نجد مثل هكذا نماذج، أحزاب وشخصيات تسارع الى بيع العراق بأبخس الأثمان، والمشترون يقفون على باب النخاسة ليستعبدوا أهل العراق ومقدساته وخيراته، والأسباب كثيرة لا حصر لها، فتارة تجد من يبيع العراق جذوره مقطوعة منذ عشرات السنين، ويرتبط ببلد أخر من خلال جنسية مُنحت له منذ أن وضع العراق وراء ظهره، وتارة تجد من يبيع العراق لأنه يعتقد بأنه أحق بأن يحكم البلد من الأخر، الذي صعد الى سدة الحكم عن طريق الإنتخابات، وبوجود دستور صّوت عليه العراقيون، وهناك من يبيع العراق لأجل أن يقال بأن دخل المزاد، وأن له صوت ليس إلا.
لكن الغالبية العظمى من العراقيين لا يريدون أن يباع وطنهم، ولديهم أسبابهم الموضوعية التي تنسف كل ما يحاك ضد بلدهم، من هذه الأسباب أنهم عاشوا وتربوا فيه، وأنه يضم رفات أولياء وأئمة وأنبياء في طول البلاد وعرضها، فذاك بيت أبينا إبراهيم عليه السلام، وذاك مرقد النبي يونس، وليس ببعيد مرقد النبي العزير، ولا ننسى مراقد الأئمة بدءاً من الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) مرورا بالإمام الحسين وأخيه العباس، والإمامين الكاظمين، وإنتهاءاُ بالإمامين العسكريين (عليهم السلام)، ولا نغفل عن مراقد الصالحين، فذاك مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني، وكذا مرقد الإمام أبي حنيفة النعمان، وليس إنتهاءا بمرقد الشيخ احمد بن حنبل (رضوانه تعالى عليهم).
كما أن العراق يضم رفات مبدعين في مجالات كثيرة، بدءاُ من المتنبي وليس إنتهاءاً بالجواهري.
لا أدري ما هو السعر المعروض للبيع، وكم دفع الذي إشترى، وهل كان في مزاد علني أم ان المزاد كان في صالات مغلقة، ومع ذلك فإني اعرف أمراً واحدا، أقوله لمن باع وكذلك لمن إشترى، إن العراق ليس سلعة للبيع، وأن العراق لعنته ستصيبكما معا؛ ذلك لأنكما لستما من أهل هذا البلد، حتى وإن كنتم تحملون هويته، فهذه الأرض تسمو بأهلها وإن هي إلا أزمة سنعبرها بإذنه تعالى، أما من حاول أو يحاول أن يبيع العراق، فإن مصيره المزبلة.