17 نوفمبر، 2024 6:40 م
Search
Close this search box.

في ذكرى كامل شياع

ذات عام من أعوام ثقافة الحلم وبفضل اليونسكو ووزارة مفيد الجزائري الأولى التي جاءت بعد جمهورية الشيخ (بول بريمر) ، جمعتني صدفة القدر بكامل شياع، قدمه لي المخرج العراقي والتجريبي الحالم بتسريحة

 شعره كما خانات تاج محل وملوك سمر قند (حازم كمال الدين) وهو يقول: اقدم لك كامل شياع هاجر الحديقة البلجيكية ليدخل في رأس المفخخة.

اعقبه الصديق الشاعر السومري جواد الزلفي بالقول: هذا كامل شياع مستشار العشق والدفء والمصالحة في وزارة الثقافة العراقية .

ضحك كامل شياع، صافحني وقبلني واعلن اعجابه بحماستي الدؤوبة في النشر وقال وهو يدعوني والصديق الدكتور جمال العتابي :لنا ليلة طويلة للحديث يانعيم.

اتذكر تلك الليلة المفعمة بعاطفة كامل ودفء سريرته وحسه العالي ونقاء ذاكرته التي خلت من اي عقد لتداخل ازمنة الداخل والخارج وكان يتكلم عن رؤيا حضارية لثقافة عراقية يتمناها كما طيف الحالم بحلم ان تكون غربته تجربة من اجل وطن تجرحه اقداره الملونة.

بين الشعر والضحك وتداول ما ورثناه من امكنة الوطن ومواويل جنوبها انتهت سهرة جميلة ولم ارَ بعد ذلك وجه كامل شياع سوى بسرعة البرق وهو يتحرك بين مدعوي الملتقى وورشات العمل وكأنه يراهن على شيء يسكنه، ان تكون الثقافة هي وحدتنا ضد التخلف والطائفية والمليشيات والسيارات الرباعية الدفع وخفافيش القاعدة.

بعد سنين اتت الخفافيش واجهزت على هذا الحالم الرافديني. لم تبق لي معه متعة عطر سوى تلك الليلة التي تحداه فيها حازم كمال الدين ان يستطيع الوصول الى اخر طابق في ناطحة سحاب احلامه .وفعلا اوقف الملثمون المصعد في ربع الطريق واغتالوا كامل شياع.

اشاهد الان عبر الخط الحدودي الفاصل بين المانيا وبلجيكا حيث اسكن انا ويسكن حازم دموعه الكربلائية تشكل صدى موت المآتم الاسطورية منذ حادثة الطف…!

اسمع وقع خطى دموع الشاعر جواد الزلفي خلف الخط الحدودي الفاصل بين المانيا وهولندا تضرب بإيقاعات الانين السومري لهفة فقدان الصديق المثقف والطيب كامل شياع.

لاشيء يبقى .سوى انهم يخلدون في جنة الكفن . كسروا اضلعه بالرصاص، كسروا نظارته الطبية ولكنهم عجزوا عن كسر روحه .

هو حمل مهمته الالهية ومضى يزرع بدمه حدائق الجوري .ونحن بقينا نشعل من اجله البخور وقداسات المعابد ومديح الملوك المتشبعين برغبة الورد ليكون مطر.

مات قمر الصدفة في فندق بابل .

اوغاد من النوع الذي لايعرف من قناني العطر سوى البارود والقلوب السوداء.

لهم لحن خيباتهم المريرة ولكامل شياع دلمون التي لم تنته بعد من عشقها لنبض قلوب الانبياء.

لك القصيدة .ولنا ما نتمناه لوطن الثقافة ان لايظل حكرا على ذوي المطبوع الوحيد والبائس…

أحدث المقالات