الموتمر الأخير الذي عقد بطهران كان حجر الزاوية للمرحلة القادمة ، اذ جمع هذا الموتمر جميع قادة وساسة التشيع ، وكان فرصة ثمينة للقاء الخصماء الذين لم يلتقوا الا في المناسبات ، وعبر لقاءات مجاملة. تفتقر الى العلاقة في الدين او السياسية او الوطن ، بل انها كانت في الأغلب لقاءات معرفة أفكار وقراءة رؤى الطرف الاخر ، لهذا لم ينتج اي لقاء او اجتماع للفرقاء السياسيين عن اي منجز يمكن عده ويصب في مصلحة البلاد والعباد .
مؤتمر المجمع العالمي لأهل البيت (ع) الذي عقد بطهران كان الانطلاقة التي حركت الماء الراكد للقوى السياسية العراقية ، خصوصاً الشيعية منها ، اذ كان حافزاً في توجيه بوصلة العمل السياسي القادم .
الحكيم من جهته كان احد المدعوين لهذا الموتمر المهم ، والذي يعنى بشؤون وعلوم ودور اهل البيت في بناء المنظومة الاسلامية والإنسانية ، اذ كان بحضور شخصيات الخط الاول في المجلس الاعلى برئاسة الحكيم .
جرى على هامش الموتمر لقاءات مهمة بين بين ساسة البلاد وقادته ، اذا تركزت اغلب اللقاءات على محاور تقريب وجهات النظر فيما بينهم ، ومعالجة المشاكل العالقة ، وإيقاف الحرب الإعلامية بين جميع الأطراف السياسية ، وهذا ما انعكس إيجاباً بعد انتهاء اعمال الموتمر ، وعقد اجتماع التحالف الوطني ، والذي يعد هو الاخر اجتماعاً مهماً وضع الحجر الأساس للمرحلة القادمة .
المتابع يرى بعد انتهاء الاجتماع كانت لقاءات مهمة بين الحكيم والمالكي ، والعامري وكلا على انفراد ، ومن خلال التقارير والأخبار ان هذه اللقاءات خرجت بنتائج إيجابية خصوصاً وأنها ركزت على ايجاد الحلول الناجعة لمحاربة الفساد المستشري ، ومساندة جهود السيد العبادي في ورقته الإصلاحية لمؤسسات الدولة كافة .
المتابع يرى ان الحكيم كان جامعاً لجميع الرؤى والقراءات المختلفة ، كما انه كان مانعاً لاي محاولات لتحريف بوصلة الإصلاح والتغيير ، اذ هناك نوايا تحريف هذه الإصلاحات وعملية التغيير لإقصاء الشركاء وإبعادهم عن إي دور سياسي او اصلاحي للمنظومة السياسية ، ومحاولة لإخفاء المفسدين وراء يافطات لمّاعة غير قابلة للمس ؟!
الحكيم يحاول بناء مرتكز سياسي جديد مبني على اساس وجود مروع واضح ، ربما يكون غير خاضع للكلاسيكية المتعارفة في الثقــــــــــــــافة السياسية ، ولكن يحاول من إبراز الاسلاموية وفكر اهل البيت (ع) بمظهر بيضوي يحاكي الواقع المعاصر ، ويعالج المشاكل بروح هذا الاسلام ، وليس بنظريات تنظيرية انعكست بالسلب ، ولم تقدم الشي الإيجابي في توجيه النظرية السياسية الحديثة .
اعتقد ان الحكيم يسعى الى تقديم نموذج حديث للحكم ، وإعطاء رسائل تعكس الفكر المعتدل للاسلام ، كما يمكن ان يكون تجربة قابلة للتطبيق مستقبلا ، ولكن مع ضرورة ان تكون هناك نخبة سياسية جديدة ، غير خاضعة للأهواء والعداء الحزبي والفئوي ، بل تحمل التنافس الشريف بين الجميع .
ربما لاقى ويلاقي خطاب الحكيم النقد مرة ، والرفض مرة اخرى او ربما يتعرض للتسقيط والاعتراض من المنافسين ، ولكن هذا الخطاب كان هو خط الممانعة في داخل الوضع السياسي الحالي امام خط التفرد باتخاذ القرارات المصيرية ، وجرت البلاد الى صراعات ونزاعات طائفية وعلاقات سيئة مع الجوار ، كما ويمثل حالة الاعتدال والتي هي الاخرى كانت سبباً في بقاء العمل السياسي قائما ليومنا الحاضر ، ومع كل الاعتراض والنقد ولكنه اثبت للجميع ان في النهاية نجاح خطاب الاعتدال ، وان الحوار هو السبيل الوحيد لحل المشاكل التي أرهقت العباد وضيعت البلاد ، ويبرز لنا محور جديد في الساحة السياسية يكون هو الجامع المانع في قيادة العملية السياسية القادمة .