عندما تصبح الكراهية ثقافة وسلوك للتعامل, تكون بدايتها تدمير الذات والتمدد سلباً لتصفية الحسابات مع الآخر, انها خراب المنطق والبصيرة والضمير ثم العطب الشامل للشخصية, حاكم الزاملي رئيس لجنة التحقيق في (سقوط الموصل !!!) وعد الناس بنتائج تحقيقية استقصائية مذهلة يرفقها بتصريحات على انه يقوم بذلك الجهد “خدمة لشعبه ووطنه ومقدساته!!”, مضى على السقوط اكثر من عام والزاملي لا يتجاوز مهام طبخة كيدية لتصفية حسابات سياسية مع بعض الخصوم.
اذا كانت للزاملي تصفية حسابات شخصية فئوية كتلوية مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي, فما ذنب الحقيقة ان تدفع ثمن تلك الأرهاصات الثأرية, مذهلاته التحقيقية تجاهلت اسماء المخططين والداعمين والمنفذين لما يطلق عليه (سقوط الموصل), اخطاء كيدية اربكت نوايا المجاهد الزاملي واثارت فضولي للتعرف على تاريخه الجهادي, فوجدته نائب ضابط منحدراً من زمن (المنتمي او حتى وان لم ينتمي) واشياء اخرى غير حميدة, بعد الأحتلال عام 2003 وكغيره وجد ثقباً لأختراق جدار التيار الصدري الى حيث هجين المنطقة الخضراء.
السؤال الأهم: هل حقاً سقطت الموصل ام سُلمت ام ان اهلها احتلوا انفسهم ومدينتهم واقاموا خلافتهم الآسلامية, كم عدد الأطلاقات التي تصدت للدواعش الغازية وعدد الشهداء الذين دافعوا عن مدينتهم وممتلكاتهم واعراضهم, ماذا فعل محافظها وممثلي مكونها في العملية السياسية غير السمسرة عليها, وان كانت دواعش بعث محلي فعلى العراق ان يتركهم وشأنهم؟؟؟ اما اذا كان الغزاة تسللوا اليها من خارجها, عبر اي حدود واي اقليم فتح لهم الأبواب ومنحهم الأقامة وتقاسم معهم الغنيمة ارض وثروات وهتك اعراض…؟؟؟.
لو افترضنا: نستيقظ على خلافة اسلامية في ميسان, مرحب بها من اهلها وعشائرها واحزابها ومحافظها وقواتها الأمنية وبالتواطي وتقاسم المكاسب الجغرافية والثروات النفطية مع رئيس اقليم البصرة في وقت كان فيه النجيفي او علاوي رئيساً للوزراء وقائداً عاماً للقوات المسلحة, فهل من حقنا (لجنة تحقيق) ان نضع اسمائهم على رأس قائمة الأتهام ونتجاهل من باعها وساوم عليها واسقطها, ونتجاهل ايضاً رئيس اقليم البصرة المتواطيء والمشارك في الغنيمة؟؟؟ وهنا نسأل من خارج العرف الأخلاقي للمجاهد الزاملي وعقدته الشخصية الفئوية, هل يحق لنا ايضاً ان نبعث ابناء الموصل والرمادي وتكريت الى حيث محرقة تحرير ميسان بالضد من ارادة اهلها وتحريرهم من واقع لا يبدو عليهم رفضه…؟؟؟
قول الحقيقة صعب في اغلب الأحيان, لذلك يحتاج المرء الى شجاعة فائقة للأعلان عنها, الموصل لم تسقط ولا حتى الرمادي وتكريت والفلوجة, كان واقعاً مجتمعياً قائماً تبلورت عنه خلافة اسلامية, الموصل كما يبدو لا ترغب بما يسمى تحريرها, ربما ستدافع عن خلافتها وتعتبر الأمر عدواناً وتدخلاً في شؤونها, واذا ما تدخلت الدولة العراقية, بالتأكيد ستدافع وبطرقها التقليدية المعروفة عن ارضها وعرضها ونظام خلافتها, ام الربيعين خريف رملي غاضب في وجه الدولة العراقية منذ تأسيسها.
الزاملي النائب الضابط سابقاً ورجل القانون لاحقاً, يمسرح القضية بطريقة مدهشة, ومع ان الأمر لا يخلو من دونية التزوير والتدليس, لكنه مثيراً للأعجاب, انه يتمتع بحرفية وخبرة عالية وغطاء كتلوي دافيء, بالتأكيد سيطبق التجربة في فصل لاحق ستكون مادته (سقوط الرمادي), وسيتصدر قائمة المتهمين فيها الدكتور حيدر العبادي كونه رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة اثناء سقوطها.
الزاملي ككل رموز فساد العملية السياسية, وجدوا بيئتهم فينا, شعب مرهق, اذلته ستة عقود من القمع المبرمج والموت المجاني, لا نحك جلدنا نخاف اظافرنا, نخاف عمليتهم السياسية وكتلهم وتوافقاتهم وتحاصصاتهم لنا, لا نثق بمن يدعي تحريرنا ثم يسلط علينا لصوص مجتمعنا, وبمن يبيعنا ويذلنا ويزور ثقتنا ويسرق اصواتنا ويقصر معدل اعمارنا, يرهقنا الفساد والأرهاب وخذلان كتل الدلالين, يفسدون حياتنا ودولتنا ومجتمعنا ثم يدعون اصلاحنا, انهم لقطاء شعوذة الخدعة, الفاسد جزء من صميم الفساد لا يستحق ثقتنا, هذا ما يحدث لنا لآن, لكننا عراقيون لا زلنا كما كنا, نبدأ من صفر النفس الأخير, دائماً من النفس الأخير, فجرنا يتسع الآن صبح في ساحات التحرير .